ولكن عرفت تماميّة دلالة الأخبار على طهارتهم وإن كان في دلالة بعضها على الطهارة إبهام وإجمال ، ولكن في ظهور بعضها الآخر في الطهارة ، بل صراحة بعضها فيها كفاية ، بل في بعضها دلالة واضحة على أنّ نجاستهم بلحاظ عدم اجتنابهم عن الميتة والخمر والخنزير وسائر النجاسات . ويمكن أن يجعل هذه الأخبار مفسّرة وشارحة للأخبار المشعرة أو الدالَّة على نجاستهم وأنّ نجاستهم عرضيّة . وقد عرفت عدم تماميّة الإجماع في المسألة لوجود الفتوى بطهارتهم قديما وحديثا ، وإن كان المشهور بينهم القول بالنجاسة . ولو تمّ الإجماع فلا يكاد ينفع ، لأنّه لم يكن تعبديّا ، لأنّه من المظنون جدّا لو لم ندّع القطع بأنّ الإجماع مدركيّ ومستندهم في ذلك دلالة الآية الشريفة والأخبار الَّتي عرفت استدلالهم بها للنجاسة ، وظهر لك ضعف دلالتها عليها . مقتضى الأصل في المسألة فبعد تماميّة ما استدلّ به لطهارة الكتابيّ لا تصل النوبة إلى الأصل ، لأنّه دليل حيث لا دليل ولكن مع ذلك لا بأس بالإشارة إلى مقتضى الأصل على تقدير عدم تماميّة ما استدلّ به لطهارتهم أيضا تتميما للفائدة . فنقول : مقتضى الأصل في كلّ ما شك في طهارته ونجاسته الطهارة ، فإذا لم يتمّ شيء ممّا استدلّ به لنجاسة أهل الكتاب ولا لطهارتهم فالأصل الطهارة ، فمقتضى الأصل يلائم القول بالطهارة .