مبدأ للخيرات والثاني مبدأ للشرور [1] . وقد يقال : إنّ المجوس موحّدون وإنّهم لم يعبدوا النار بل يقدّسونها كما أنّ لكلّ أمّة مقدّسات يكبّرونها ويبجّلونها ، ويوجّه قولهم بإله النور وإله الظلمة بأنّه لعلَّهم أرادوا ما هو المعروف من أنّ في العالم قوّة الخير وقوّة الشّر ، والحقّ والباطل في كلّ زمان فينبغي أن يتّبع الإنسان مبدأ الخير للصلاح العموميّ ، كما يوّجه قولهم بغلبة إله الخير على الشّر بأنّه لعلَّهم يريدون به رقى وتقدّم العالم الإنساني وإبطال الشرور بسعي معلَّمي الإنسانيّة - وهم الأنبياء والأولياء والمصلحون - ولا ينافي هذا اعتقادهم بآلة حقيقيّ وراء أصل الخير وأصل الشّر هذا . فكيف كان والذي يسهل الخطب اشتراكهم مع اليهود والنصارى في النجاسة والطهارة ، لأنّه يتراءى من غير واحد من الأخبار أنّهم بحكم أهل الكتاب في ذلك فارتقب حتّى حين . آراء الفقهاء في طهارة أهل الكتاب وكيف كان المشهور بين أصحابنا المتقدّمين والمتأخّرين خلافا للعامّة ، نجاسة أهل الكتاب ، بل ربما يعدّ ذلك من الأمور الواضحة ، ومع ذلك خالفهم في ذلك بعض المتقدّمين وجملة من محقّقي المتأخّرين فذهبوا إلى طهارتهم [2] . وممّن حكي عنه القول بطهارتهم شيخنا المفيد رحمه اللَّه في الرسالة الغريّة حيث حكم بكراهة سؤر اليهوديّ والنصرانيّ [3] . والشيخ ابن الجنيد في مختصره فيما حكى عنه فله عبارتان ظاهرتان في طهارة أهل الكتاب أوردهما شيخنا العلَّامة الأنصاريّ قدس سره
[1] مصباح الهدى ج 1 ، ص 383 . [2] صرّح بذلك بعض الأساطين في التنقيح ، ج 2 ، ص 45 . [3] لاحظ مفتاح الكرامة : ج 1 / 142 - 143 .