وبالجملة ، كلمة « من النسب » على ما هو ظاهرها من السببيّة يورث تقييدا في الشخص المراد من الموصول . وأمّا احتمال أن يكون مفاد العبارة هو التنزيل منزلة العلائق النسبيّة فكأنّه قيل : الرضاع يوجب التنزيل منزلة المحارم النسبيّة ، فإذا أرضعت زوجتك صبيّة لغيرك فهذه الصبيّة بمنزلة بنتك ، وأنت بمنزلة أبيها ، وفهكذا بالنسبة إلى المرضعة . والحاصل : العبارة بصدد إيجاد نفس العلائق بلسان التنزيل ، فهو كلام في غير المحلّ ، بل الظاهر من العبارة هو الحكم على العلائق المجازيّة الحادثة بالرضاع الشبيهة بالعلائق النسبيّة بالحرمة ، فهي غير متعرّضة لكيفيّة حدوث العلاقة مجازا أو تنزيلا ، بل متعرّضة للحكم ، وفرق بين العلاقة التنزيليّة وبين العلاقة المجازيّة ، فالأولى لا حقيقة لها إلَّا الحكم ، مثل : « الطواف بالبيت صلاة » وأمّا الثانية فلها واقع ونفس أمريّة وراء الحكم مثل نفس أمريّة وواقعيّة العلاقة النسبيّة . ألا ترى أنّه تعالى رتّب الحرمة في الآية الشريفة على ذوات العلائق النسبيّة ، ثمّ قال تعالى : * ( وأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ ) * [1] وهذان العنوانان كسائر ما سبقهما من النسبيّات أمور واقعيّة محفوظة مع قطع النظر عن حكم : « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ » كيف وهي موضوع لذلك الحكم ، ولا بدّ للموضوع أن يكون له تحقّق ، مع قطع النظر عن حكمه . فتحقّق أنّ احتمال استفادة أصل المنزلة فضلا عن عمومها من عبارة النبويّ صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم في غاية الضعف . نعم ، يبقى الكلام في التعليل الوارد في مسألة منع نكاح أبي المرتضع في