ولا يخفى أنّ المناسب لهذا الذي عليه الفقهاء ليس إلَّا ما اختاره من المعنى من أنّ الأمثلة المذكورة إنّما هي للولاية الاختياريّة ، لغلبة تطبيقها عليهم . ولكن قال شيخنا الأستاذ دام بقاه : لا يخفى أنّ حمل الأخبار على ما ذكره في غاية البعد فإنّه لو كان المراد ما ذكره لكان المتعيّن أن يقول : هو الأب ومن توكَّله المرأة من الأخ وكذا وكذا ، ثمّ يعدّ سائر الأمثلة ، لا أن يقول بنحو الإطلاق : هو الأب والأخ ، فيجعل عنوان الأخ عدلا لعنوان الأب ، فإنّه في غاية الظهور في أنّه أيضا كالأب يكون بنفسه متولَّيا ولو لم يكن في عرضه ، بل بعد فقده . وأمّا ما جعله مانعا عن إرادة هذا المعنى من كونه مخالفا للإجماع فالظاهر عدم كونه مخالفا له فإنّ العلماء وإن اقتصروا في باب الولاية القهريّة على الحاكم وعلى غير النكاح من سائر أمور الطفل ، وهكذا بعد الحاكم أيضا اقتصروا على غير النكاح في ولاية العدول وبعدهم في ولاية الفسّاق ، إلَّا أنّ الظاهر أنّ كلّ ذلك ليس إلَّا لأجل مقدّمتين : الأولى : القطع بأنّ الشارع لا يرضى ببقاء أمواله بلا محافظ ومصلح ، وليس هذا القطع في أمر نكاحه . والثانية : أنّه يحتمل أنّ الشارع جعل المساواة فيه بين آحاد المكلَّفين كالأمور الحسبيّة التي كلّ من باشرها جاز ، بأن كان هذا الشأن في زمن عدم بسط يد السلطان الحقيقي ساقطا عن الاختصاص به ، وإنّما هو من آثار السلطنة الفعليّة وبسط اليد ، ويحتمل أنّه مع هذا أيضا راعى جانبه ، فليس لأحد التصدّي إلَّا لمن هو أقرب الناس إليه وهو الفقيه . فالفتاوى إنّما استقرّت من أجل هاتين المقدّمتين على هذا الترتيب في باب الولاية ، فإذا وجدنا دليلا ظاهرا في مقام الإثبات دلّ على اشتراك جميع المكلَّفين في