فحينئذ وإن كان عموم اللفظ صادقا ، ولكنّا نخصّصه بالتخصيص العقلي ، وذلك لفهم الملاك وأنّه غير موجود في البين ، أعني : أقوائيّة ملاك الترخيص ، فالأمر بناء على هذا دائر مدار العلم بأقوائيّة ملاك الحرمة أو الوجوب ، فلا أثر للإكراه أو الاضطرار ، والعدم فلهما الأثر . ولا اختصاص لهذا بباب التكليف ، ولعلّ في الوضعيّات أيضا يمكن فرض العلم بأهميّة ملاك الوضع ، مثل حرمة المرأة الموطوءة في العدّة لو أكرهه مكره بالإيعاد بالشتم أو الضرب ، فإنّه لا شبهة في أنّ الدخول لا يحلّ تكليفا ، وأمّا أثره الوضعيّ لو ارتكبه عصيانا فمن الممكن القول بترتّبه أيضا . وبالجملة ، الأمر دائر مدار العلم المذكور وعدمه ، من غير فرق بين الوضع والتكليف ، هذا بحسب الدليل العامّ ، ولكن لا يخفى أنّ اضطرار المرأة لا يصير بحسب الأدلَّة العامّة سببا لجواز نظر الطبيب إليه . اللهمّ إلَّا أن يقال بصرف جواز الإظهار للمرأة بدون جعل الجواز للرجل المعالج لا يدفع الاضطرار ، ولكن هذا لو كان دليل خاصّ فحسن ، وأمّا في الدليل العامّ فمحلّ نظر . والدليل الخاصّ موجود ، وهو ما رواه في الكافي على ما في الوسائل بسنده إلى أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليهما السّلام « قال : سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها ، إمّا كسر وإمّا جرح في مكان لا يصلح النظر إليه ، يكون الرجل أرفق بعلاجه من النساء ، أيصلح له النظر إليها ؟ قال عليه السّلام : إذا اضطرّت فليعالجها إن شاءت » [1] .
[1] الوسائل : كتاب النكاح ، الباب 130 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ، الحديث الأوّل .