لأنّا نقول : قد عرفت أنّ الآية مذكورة عقيب ذكر حلَّيّة نكاح ما عدا المحرّمات ، وهذا قرينة على كونه تتمّة للكلام السابق ، فكأنّه قيل : تلك الحلَّيّة التي أشرنا في خصوص الإماء مشروطة فعليّتها بشرطين . وقد يقال : إنّ قوله تعالى : * ( وأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) * دليل على إرادة أصل الجواز من الصدر ، وإلَّا فكيف يمكن استحباب الفعل أو وجوبه وخيريّة تركه والصبر عن فعله ؟ ولكن فيه أنّ مراتب الخشية متفاوتة ، وربما تبلغ مرتبة يقطع مع الترك بالوقوع في الحرام ، وربما تبلغ درجة يحصل الاطمئنان بذلك ، ومن المعلوم أنّ إطلاق : * ( أَنْ تَصْبِرُوا . . . ) * لا يشمل هاتين الصورتين ، فيختصّ مورده بما إذا حصلت الخشية ، ولكن لم تكن الرغبة بمثابة لا يطمئنّ من نفسه بالقدرة على الكفّ عن الحرام ، بل يقدر على المجاهدة وتوطين النفس بالرياضة والصبر حتّى تزول عنه الخشية . وإذن فلا منافاة بين رجحان اختيار نكاح الإماء مع البقاء على تلك الحالة الشهوية وأرجحيّة دفع تلك الشهوة عن نفسه بالمجاهدة والرياضة ، لا أنّه في موضوع بقاء الشهوة بحالها يكون ترك النكاح أرجح من فعله ، حتّى ينافي مع رجحان الفعل . وبالجملة ، لا دلالة في ذيل الآية على تعيين المقدّر في صدرها ، فالعمدة ملاحظة وقوعها عقيب آية الحلّ ، هذا هو الكلام في الآية . وأمّا الرواية : فعدّة منها مشتملة على أنّه « إذا اضطرّ إليها فلا بأس » وغاية ما يورد عليها أنّ البأس المستفاد من المفهوم أعمّ من الحرمة والكراهة ، مؤيّدا بلفظة « لا ينبغي »