وروى الصدوق بطريق موثّق عن يونس بن يعقوب ، « قال : قلت لأبي عبد اللَّه عليه السّلام : الرجل يريد أن يتزوّج المرأة ، يجوز له أن ينظر إليها ؟ قال : نعم ، وترقّق له الثياب ، لأنّه يريد أن يشتريها بأغلى الثمن » [1] . وهذا لا يدلّ على كون الثياب حاكية عمّا وراءها ، غاية الأمر كونها رقيقة ، ولعلّ في جعل الثياب رقيقة خصوصيّة تظهر بها بعض محاسنها ، وكيف كان فهذه جملة ما وقفت عليه من أخبار الباب . وحينئذ نقول : قد يقال بناء على اختيار جواز النظر إلى الوجه والكفّين في مطلق الأجنبيّة : ما وجه تخصيص إرادة التزويج بالذكر ؟ وقد يجاب بأنّه في ذاك المقام مكروه ، وهنا جائز غير مكروه . وقد يجاب أنّه هناك محلّ الخلاف ، وهنا محلّ الوفاق . والأحسن أن يقال : إنّ الفرق أنّ النظر هناك مقيّد بعدم الريبة وعدم كونه مهيّجا للشهوة ، وهنا مطلق من هذه الجهة ، فإنّ التقييد بذلك هنا يوجب لغويّة الرخصة ، لأنّه يوجب سدّ باب النظر ، فإنّه قلَّما ينفكّ النظر الاختباري في مقام إرادة التزويج المقصود منه استلام قابليّة المرأة لكمال الاستمتاع منها ، وعدمه عن هيجان الميل والشهوة . نعم ، قد يكون الداعي الأوّلي هو التلذّذ ، وبعد حصوله ربما يريد تزويجها ، فهذا غير مستفاد من الأخبار جوازه ، وأمّا إذا كان الداعي الأوّلي إرادة التزويج ، ثمّ يحصل في الأثناء التلذّذ والميل فهذا ما قلنا : إنّه مستفاد من الأخبار هنا وممنوع في غير مقام إرادة التزويج ، هذا .
[1] الوسائل : كتاب النكاح ، الباب 36 من أبواب مقدّمات النكاح وآدابه ، الحديث 11 .