المدعي ليس يمين المنكر ، فليست يمين شرعا بحكم عكس نقيض القضية ، أعني كل ما ليس على المنكر ليس بيمين ، خرج عن عمومها يمين المدعي إذا كان الراد هو المنكر ، وأما غيرها فلا دليل . لا يقال : عدم القضاء بيمين المدعي لا يستلزم المطلوب ، وهو القضاء بالنكول ، لجواز عدم القضاء رأسا وإيقاف الدعوى أو حبس المنكر حتى يفعل أحد الأمرين أو الأمور من اليمين أو الرد أو أداء الحق . قلنا : مفروض البحث وجوب القضاء في صورة النكول اما قبل الرد الى المدعي أو بعده ، فاذا ثبت بمقتضى العموم عدم القضاء باليمين تعين القضاء بالنكول . وفيه : أولا : ان قوله « البينة على المدعي واليمين على من أنكر » مسوق لبيان وظيفتهما في ابتداء الأمر ، فالوظيفة الأولية للمدعي هي إقامة البينة ، فلا يكلف ابتداء الا بها ، وكذا وظيفة المنكر الأولية هي اليمين ، فلا يطالب الا بها . وأما وظيفتهما الثانوية - بمعنى وظيفة المدعي مع عدم إقامة البينة ووظيفة المنكر مع عدم الحلف - فهو ساكت عن بيانها . فلا بد من التماس دليل آخر في صورة نكول المنكر عن اليمين أو عدم إقامة المدعي البينة . ومن هنا يعلم أن القضاء باليمين المردودة من قبل المنكر أيضا ليس تخصيصا في عمومها . وثانيا : ان القضاء بالنكول من دون رد اليمين الى المدعي تخصيصا زائدا في عكس الفقرة الأولى ، لان مقتضى عكسها بحكم تعريف المسند ان كل مدعى عليه البينة بمعنى عدم الحكم له الا بها خرج عنها اليمين إذا ردها المنكر أو الحاكم بالاتفاق ، وأما النكول المجرد عن الرد فلا . لا يقال : لا نسلم خروج اليمين إذا كان الراد هو الحاكم ، لأنه أول الدعوى ، والقاضي بالنكول لا يقول به ، فالأمر يدور بين خروج النكول أو خروج اليمين