أقول : المنافاة أو عدمها يتوقف على بيان الواجب الكفائي ، وهو : ما وجب اتيانه على الكل ويسقط باتيان البعض بخلاف العيني وسقوط الوجوب يكون إما بالإطاعة وإما بالعصيان وإما بارتفاع الموضوع ، ومحل الكلام من قبيل الثالث ، نظير ما إذا صلى أحد المكلفين على لميت فإنه لا يبقى موضوع للوجوب ، إذ لا يجب إلا صلاة واحدة عليه ، ولما كان الوجوب والاستحباب ضدين فكيف يكون الشئ الواحد واجبا ومستحبا معا ؟ المستحب ما يجوز تركه فإذا كان مستحبا عينيا كيف يكون واجبا لا يجوز تركه وأنه إذا ترك فالكل معاقبون على ذلك ؟ وقيل : الواجب الكفائي ما يجب فعله على المجموع . ولم يتضح لنا وجه الفرق بين هذا التعريف وما ذكرناه . . فالحاصل : دعوى عدم التنافي بينهما غير واضحة عندنا . فالقائلون بعدم المنافاة في سعة من توجيه عبارة المحقق ، وأما الذين لا يوافقون على ذلك فقد حاولوا توجيهها ، ففي المسالك : وظيفة القضاء من فروض الكفاية لتوقف النظام عليه أو لما يترتب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولعظم فائدته تولاه النبي صلى الله عليه وآله ومن قبله من الأنبياء بأنفسهم لأمتهم