إن الأمر الاجتهادي والحكم الشرعي ليس من الأمور التي تقام البينة عليها ، بل يجب عليه النظر في حكم الأول وأدلته - عند دعوى الجور - ثم الحكم في القضية عن علم . فظهر أن مورد النظر في حكم الأول دعوى المحكوم عليه حكمه بالجور أو علم الثاني بفساد حكمه ، ومن هنا قال المحقق : " وكذا لو ثبت عنده ما يبطل حكم الأول أبطله سواء [1] كان من حقوق الله تعالى أو حقوق الناس " . وقيل : إن الحاكم المنصوب من قبل الإمام عليه السلام خصوصا أو عموما له الولاية على الناس وحكمه نافذ ، فكما لا تسمع دعوى المولى عليه على وليه لا تسمع دعوى المحكوم عليه على الحاكم . هذا ما قاله بعضهم ولذا حمل كلام المحقق على صورة كون الحاكم الأول معزولا ولا ولاية له على المحكوم عليه حين الدعوى . لكن فيه : إن النظر في حكم الأول في صورة العلم بفساده أو دعوى المحكوم عليه الجور ليس نقضا لحكمه وردا عليه ، وهو وإن كان له الولاية إلا أنه قد ولي لأن يحكم بالحق ومع الجور في الحكم أو العلم بفساده فلا مانع من النظر فيه ، والمولى عليه إن علم
[1] قول المحقق " سواء كان من حقوق الله تعالى أو حقوق الناس " إشارة إلى ما عن الشيخ - وتبعه بعضهم - من أنه لا ينقض حق الآدمي إلا مع المطالبة ، لأن صاحب الحق ربما أسقطه وأما إذا كان حقا لله تعالى فإنه ينقضه لأن له النظر في حقوق الله تعالى .