أقول : هذا معنى آخر للأصل المذكور سابقا ، فإنه مع فقد المدعي للبينة يكون المنكر مستندا إلى البراءة الأصلية ، إذ الأصل براءة ذمة المنكر عما يدعيه المدعي ، وحيث ادعي عليه فهو أولى باليمين من المدعي ، فإن حلف سقطت الدعوى . وأما استحلاف المدعي الذي لا بينة له على ما يدعيه فيتوقف جوازه على وجود دليل في مقابل الأصل الذي يقتضي براءة ذمة المدعى عليه ، وأما " إنما أقضي بينكم . . " فقد ذكرنا أن المراد منه بيان ميزان القضاء وليس فيه تعرض إلى من عليه البينة ومن عليه اليمين ، فلا اطلاق له . على أن يد المنكر على مورد الدعوى لا ترتفع بيمين المدعي وأما تقدم البينة على اليد فقد ثبت بالدليل . أقول : لكن الظاهر أن هذا المعنى لا يصلح لأن يكون الحكمة لجعل الشارع اليمين وظيفة للمنكر ، وليس معنى آخر للقاعدة الكلية في المقام بحيث يكون المرجع لدى الشك لولا النصوص المشار إليها . حكم ما إذا كان الحلف على نفي فعل الغير وفروع ذلك قال المحقق : " ومع توجهها يلزم الحلف على القطع مطردا إلا على نفي فعل الغير فإنها على نفي العلم " . أقول : هذا أحد الأقوال في المسألة ، وفيها قولان آخران : أحدهما : لزوم أن يكون الحلف على نفي العلم دائما ، لأن