إسم الكتاب : كتاب القصاص للفقهاء والخواص ( عدد الصفحات : 281)

والنكاح ولا يقال إنه جازم بان هذا يوم الجمعة بخلاف اليقين فيقال أيقنت بأن هذا يوم الجمعة ولا يقال أيقنت بالبيع والنكاح في قولك بعت أو أنكحت .
والحاصل ان الجزم المعتبر في لسان الفقهاء رضوان اللَّه تعالى عليهم انما يناسب الإنشاء لا الاخبار فالمدعى ينشأ الدعوى بقوله لي عنده كذا كما ينشأ البائع البيع بقوله بعت هذا بهذا .
ويؤيده أيضا محاكمة الملكين عند داود النبي بقول أحدهما * ( هذا أَخِي لَه ُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِه ِ ) * [1] .
فإنه لا إشكال في أنهما كانا بصدد إنشاء الدعوى كما أن قول داود النبي * ( لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِه ِ ) * ليس من باب الاخبار بل إنشاء للحكم ولذا نقول لا يصلح نسبة الكذب إلى المدعى في الآية الشريفة كما لا يصح نسبته إلى النبي كما لا يصح اسناد الكذب إلى كل من صدر عنه الإنشاءات من العقود والإيقاعات فإن من قال بعت أو أنكحت أو طلقت ليس مراده الاخبار بالبيع والنكاح والطلاق في الماضي أو المستقبل بل المراد إنشائها وان كانت بحسب الظاهر اخبارا .
نعم يمكن اشتمال الدعوى على الاخبار أيضا كما إذا أخبر المدعى بمطالب وقعت بينه وبين المنكر ولكنها خارجة عن موضوع المحاكمة .
ولكن لا يخفى ان إنشاء الدعوى لا يمكن ان يكون لغوا وعبثا بل لا بد ان يصدر من المدعى بجهته تكون باعثة للادعاء سواء كانت استيفاء الدين أو القصاص أو الامتحان أو التنبيه أو استكشاف الحق ان كان واقعا له حق أو غير ذلك من المصالح فلا يصح إنشاء الدعوى بدون مصلحة مثل سائر الإنشاءات فإن قوله بعث إنشاء لا يصح منه الا إذا كان غرضه وقوع البيع ثم إن أبيت الا ان يكون الادعاء

[1] سورة ص 38 آية 21 .

110