الرجل يستنجي ، فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى به ؟ فقال لا بأس . فسكت فقال أَوتدري لِمَ صار لا بأس به ؟ قال : قلت : لا والله . فقال لانَّ الماء أكثر من القذر [1] . وفيه : أنّ التمسّك إن كان بما رواه الكُليني عن الأحول ؛ ممّا ورد في خصوص ماء الاستنجاء ؛ بتقريب : أنّه لا خصوصيّة لماء الاستنجاء ؛ لعدم الفرق بينه وبين سائر المياه القليلة الملاقية للنجس . ففيه : أنّه لا يسوغ إلغاء الخصوصيّة من الأخبار الواردة في طهارة ماء الاستنجاء ، بعد ملاحظة كثرة الابتلاء به ، خصوصاً في الحجاز ، وخصوصاً في الأزمنة السابقة التي لم يكن لهم خلاء أصلًا ، هذا مضافاً إلى اختصاصه بأحكام لا تجري في غيره ، كجوازه بثلاثة أحجار وبالخرقة ، وغير ذلك من الأحكام المختصّة بالاستنجاء ، وحينئذٍ فيحتمل قويّاً أن يكون لمائه أيضاً حكم مختصّ به لا يجري في غيره ، وإلى الفرق بين المقام وبين ماء الاستنجاء ؛ من حيث إنّ مورده ما إذا ورد الماء على النجاسة ، بخلاف المقام . وممّا ذكرنا ظهر : أنّه لا يجوز التمسّك لعدم انفعال الماء القليل بأخبار الاستنجاء ، كما أنّه لا يجوز التمسّك بها لحكم ماء الغسالة مطلقاً ، كما سيجيء توضيحه [2] . وكذلك لا يجوز التمسّك للمقام بأدلَّة ماء الحمّام ؛ بناء على عدم اعتبار الكُرّيّة ؛ لا فيه ، ولا في مادّته ، ولا في المجموع ، كما عرفت أنّه الحقّ ؛ لعدم جواز إلغاء الخصوصيّة ، كما عرفت في مبحث ماء الحمّام [3] .
[1] علل الشرائع : 287 / 1 . [2] يأتي في الصفحة 209 . [3] تقدّم في الصفحة 54 55 .