إنّ في المقام خصوصيّة تقتضي نفي ذلك الاحتمال ، وهي أنّ العدول عن التعبير في الوجه والأيدي ، وتغيير الأُسلوب بإدراج كلمة الباء في الرأس ، يوجب الاطمئنان بكون الإتيان بها لغرض إفهام معنىً من المعاني ، خصوصاً مع ملاحظة أنّ مادّة " مسح " ممّا يتعدّى بنفسه ، وخصوصاً مع أنّ الإتيان بها - لو كانت زائدة يوجب الإخلال بالمقصود ، كما هو ظاهر . وبالجملة : لا ريب في بطلان احتمال الزيادة ، وحينئذٍ فلا بدّ من حملها على أحد معانيها المذكورة في الكتب النحويّة ، والمناسب بالمقام : إمّا التبعيض ، وإمّا الإلصاق ، وإلَّا فسائر معانيها - كالاستعانة والسببية وغيرهما لا يناسب بوجه . والظاهر أنّ الإلصاق أيضاً مستبعد بعد كون المسح بمادّته متضمّناً لمعنى الإلصاق ؛ إذ لا يتحقّق بدونه . وإن أبيت عن ذلك فلا يضرّ بالمطلب أصلًا ؛ لأنّ الإلصاق يتحقّق بمسمّى المسح ، ولذا حكى في " المجمع " عن ابن مالك في " شرح التسهيل " : أنّه قال - بعد ذكر أنّ الباء تأتي بمعنى " من " التبعيضية ، والاستشهاد عليه بكلام أئمّة اللغة ما هذا لفظه : " وقال النحاة : تأتي للإلصاق ومثّلوه بقولك : مسحت يدي بالمنديل ؛ أي لصقتها به ، والظاهر أنّه لا يستوعبه ، وهو عرف الاستعمال ، ويلزم من هذا الإجماعُ على أنّها للتبعيض " [1] . انتهى . فإنّ ظاهر كلامه - بل صريحه أنّ مجيء الباء للإلصاق مستلزم لمجيئها بمعنى التبعيض . وكيف كان ، فالظاهر أنّ كلمة الباء في الآية الشريفة بمعنى " من "