وأنت خبير بما فيه : أمّا أوّلًا : فلأنّا لا نسلَّم ظهور الإجزاء في كون الكفاية رُخصة ، كما يشهد له ملاحظة موارد استعمال كلمة " الإجزاء " ؛ ألا ترى أنّ الأُصوليّين يعنونون في الأُصول مسألة الإجزاء ، الراجعة إلى أنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه يقتضي الإجزاء ، ومن المعلوم أنّه ليس المراد به الكفاية بنحو الرخصة ؛ إذ لا يعقل تبديل الامتثال بامتثال آخر ، كما حُقّق في محلَّه [1] . ودعوى كون مثله من الاستعمالات استعمالًا مسامحيّاً مجازيّاً ، لا يُصغى إليها . وأمّا ثانياً : فلأنّه على تقدير تسليم ظهور الإجزاء في كون الكفاية رُخصة نقول : إنّه لا مانع عقلًا من أن يكون للطهارة مراتب ، ويكون الغسل بعنوان مخصوص ، مؤثّراً في حصول المرتبة التي يؤثّر سائر الأغسال في حصولها أيضاً ، وبسببه يسقط الأمر الوجوبي أو الاستحبابي المتعلَّق بها ؛ لحصول غرضها ، ويكون الإتيان بها بعده ، مؤثّراً في حصول مرتبة أقوى من تلك المرتبة يستحبّ تحصيلها ، نظير الوضوء على الوضوء الذي هو نور على نور ، فكما أنّه لا مانع - عقلًا من الأمر الوجوبي بغسل الجنابة مرّة والأمر الاستحبابي به أُخرى ؛ لأنّه يستكشف منه أنّ الإتيان به ثانياً ، يوجب حصول مرتبة قويّة من الطهارة مطلوبة للمولى استحباباً ، كذلك لا إشكال أصلًا في الاكتفاء بغسل واحد عن الأغسال المتعدّدة ، وكون الإتيان بها ثانياً مطلوباً استحبابيّاً للمولى ، مستفاداً ذلك من التعبير بالإجزاء . هذا ، مضافاً إلى أنّ الإشكال لا ينحصر بالقول بكفاية الغسل بعنوان