الأصل الحاكم لا يجري للمعارضة . وبالجملة : يجري الأصل الحكمي في الملاقي دون الموضوعي ، فلا يجب الاجتناب عنه ، مع أنّه لا يكون محكوماً بالطهارة [1] . ويمكن الجواب عن الشبهة : بأنّ الأدلَّة الدالَّة على اعتبار الأُصول الشرعيّة ، لا تكون شاملة لأطراف العلم الإجمالي بنظر العرف ؛ وإن لم يكن مانع عن الشمول بنظر العقل ؛ من جهة لزوم التناقض بين الصدر والذيل ؛ لما سيجيء من عدم اللزوم ، إلَّا أنّ العرف لا يقضي بكون الأطراف مشكوكة الحكم ؛ حتّى ينطبق عليها موضوع أدلَّة الأُصول ، كما لا يخفى . وقد أجاب صاحب الشبهة عنها بوجهين : أحدهما : ربما يمكن إرجاعه إلى ما ذكرنا في الجواب عنها ، فلا نطيل بذكره . ثانيهما : أنّ الأصل في أطراف العلم الإجمالي لا يكون جارياً ؛ للزوم المناقضة بين الصدر والذيل في أدلَّة اعتبارها ، وحينئذٍ فالأصلان الجاريان في الملاقي - بالكسر يكونان سليمين عن المعارض والحاكم ، فيكون محكوماً بالطهارة والحلَّيّة معاً [2] . ويدفعه : عدم لزوم المناقضة أصلًا ، فإنّه لا تكون تلك الأدلَّة مشتملة على الحكمين ؛ حتّى يقال بتناقضهما ، فإنّه لا يعقل جعل الحكم على اليقين ، الذي تكون حجّيّته من لوازم ذاته ، بل مدلول تلك الأدلَّة حكم واحد مترتّب على الشكّ ، غاية الأمر يكون مغيّا بحصول العلم ، وقد عرفت أنّ العقل لا يأبى عن جريانها في أطراف العلم ، إلَّا أنّ العرف لا يكون مساعداً عليه . فتلخّص من مجموع ما ذكرنا : أنّ الملاقي محكوم بالطهارة والحلَّيّة شرعاً .
[1] انظر نهاية الأفكار 3 : 362 ، أنوار الهداية 2 : 245 . [2] انظر أنوار الهداية 2 : 247 .