وأمّا الأُصول الشرعية : فقد يقال - كما قيل : بأنّ طهارة الملاقي - بالكسر ونجاسته مسبّبة عن طهارة الملاقى - بالفتح ونجاسته ، والأصل الجاري في السبب يكون حاكماً على الأصل الجاري في المسبّب ، وحيث إنّه لا يجري الأصل هنا في السبب ؛ للمعارضة مع الأصل الجاري في الطرف الآخر ، فلا مانع من جريان الأصل في المسبّب ، فيكون الملاقي محكوماً بالطهارة والحلَّيّة الشرعيّتين [1] . وهنا شبهة لبعض المحقّقين من المعاصرين وهي : أنّه لا إشكال في أنّ الحلَّيّة مترتّبة على الطهارة ؛ بمعنى أنّ الشكّ في الأُولى مسبّب عن الشكّ في الثانية ، كما أنّ الشكّ في طهارة الملاقي مسبّب عن الشكّ في طهارة الملاقى ، فالشكّ في طهارة الملاقي - بالكسر يكون في مرتبة الشكّ في حلَّيّة الملاقى - بالفتح بمعنى أنّ كليهما مسبّبان عن الشكّ في طهارته . وحينئذٍ نقول : كما أنّه لا يجري الأصل الموضوعي في الملاقي ؛ لمعارضته مع الأصل الموضوعي الجاري في الطرف الآخر ، كذلك لا يجري الأصل الحكمي فيه لهذه الجهة . ومن هنا يظهر عدم جريان أصالة الطهارة في الملاقي ؛ لكون الشكّ فيها في مرتبة الشكّ في حلَّيّة الملاقى ، المفروض عدم جريان الأصل بالإضافة إليها للمعارضة ، فيبقى من الأُصول الستّة أصالة الحلَّيّة الجارية في الملاقي ؛ لسلامتها عن المعارضة ، والمفروض أنّه لا يكون هنا أصل حاكم عليها ؛ لأنّ