عدم شرطية الابتلاء للتنجّز في الأحكام الوضعية ثمّ إنّه من الواضح أنّه لا فرق بين الأحكام التكليفيّة والوضعيّة من هذه الجهة أصلًا ، فكما أنّه يشترط في توجيه الخطاب إلى زيد وحسنه بالنهي عن شرب الخمر ابتلاؤه به عادة ، وإلَّا تلزم اللَّغْويّة كما عرفت ، كذلك يشترط في جعل النجاسة له ابتلاؤه بذلك الشيء المجعول له النجاسة عادة ؛ إذ من المعلوم أنّ جعل النجاسة وسائر الأحكام الوضعيّة ، إنّما هو لغرض ترتُّب الأثر ؛ من عدم جواز الصلاة في الشيء النجس ، وعدم جواز استعماله والانتفاع به مطلقاً ، أو في الجملة ، وغيرهما من الأحكام والآثار ، وحينئذٍ فجعل النجاسة على الشيء الذي لا يبتلى به المكلَّف عادة ، يكون مستهجناً عرفاً ، وحينئذٍ فيلزم - بناء على قولهم بانحلال الخطابات الشرعيّة إلى خطابات كثيرة بمقدار كثرة المخاطبين وتعدّدهم أن تكون الأحكام الوضعيّة أيضاً كذلك ، فيلزم كون شيء نجساً بالنسبة إلى من يبتلى به ، وعدم كونه كذلك بالإضافة إلى من لا يكون كذلك ؛ لما عرفت من استهجان جعل النجاسة له بعد ما فرض من أنّ الأحكام الوضعيّة مجعولة لغرض ترتُّب الأثر ، مع أنّ ضرورة الفقه تقضي بخلافه ، فإنّ الشيء النجس نجس بالإضافة إلى جميع الناس ؛ لأنّ النجاسة من الأُمور الواقعيّة ، التي لا تختلف باختلاف الأشخاص من حيث الابتلاء وعدمه أصلًا ، كما هو واضح لا يخفى ، وهكذا سائر الأحكام الوضعيّة . ثمّ إنّ النقض بالأحكام الوضعيّة - كما عرفت يرد على جميع الأقوال فيها ، ولكن وروده على مثل الشيخ الأعظم ( قدّس سرّه ) في رسالة الاستصحاب - ممّن يقول بانتزاعها من الأحكام التكليفية [1] أوضح .