الحكيم وعدمه لا بدّ وأن يلاحظ بالإضافة إلى ذلك الخطاب العامّ المتوجّه إلى المخاطبين ، فإذا فرض أنّهم لا يقدرون - بالقدرة العاديّة على الإتيان بالمنهي عنه بوجه ، يكون الخطاب قبيحاً منه ، بعد ما عرفت : من أنّ النهي إنّما هو لغرض عدم حصول المنهي عنه في الخارج [1] ، ومع عدم تحقّقه ولو مع قطع النظر عن النهي - كما هو المفروض يستهجن التكليف ، كما أنّه إذا فرض ثبوت الداعي لجميع المخاطبين للإتيان بالمأمور به ؛ بحيث لا يتحقّق منهم الترك أصلًا ، يقبح توجّه الأمر إليهم ولو بالخطاب العامّ . وأمّا إذا لم يكن الأمر كذلك ؛ بأن كان بعض المخاطبين لا يتحقّق له الداعي إلى الإتيان بالمنهي عنه ، وبعضهم على خلافه ، ولا تتميّز الطائفة الأُولى عن الثانية ببعض الجهات المميّزة المشخّصة ، أو كان كلَّهم له داعٍ نفساني إلى الإتيان به ، ما كان التكليف قبيحاً وتوجيه الخطاب العامّ بالإضافة إليهم مستهجناً . وجميع الخطابات الشرعيّة الواردة في مقام الأمر والنهي من هذا القبيل . فالتكليف بالنهي عن شرب الخمر مثلًا ، إنّما هو تكليف لجميع الناس من الموجودين حال الخطاب والمعدومين ، وخطاب متوجّه إليهم ، ولا ينحلّ إلى تكاليف متعدّدة وخطابات متكثّرة ؛ حسب تعدّد المخاطبين وتكثّرهم ؛ حتّى يلاحظ حال كلّ واحد منهم ؛ من حيث ثبوت الداعي له إلى الفعل المنهي عنه أو ترك المأمور به ، فيحسن توجّه الخطاب إليه ، وعدمه فيقبح . بل الملاك في استهجان توجّه الخطاب بنحو العموم وعدمه ، ما عرفت من ثبوت الداعي للجميع أو للبعض وعدمه .