الملازمة متحقّقة بين الإرادتين لترتّب عليهما بعثان : بعث إلى ذي المقدّمة ، وبعث إلى نفس المقدّمة ؛ إذ لا يكون فرق بين الإرادتين أصلًا ، فَلِمَ ترتّب المراد على الإرادة الأُولى وتعلَّق البعث بذي المقدّمة ، ولم يترتّب على الإرادة الثانية ولم يتعلَّق بعث بها ، فمن ذلك يستكشف عدم تعلَّق الإرادة بالبعث إلى المقدّمة أصلًا ، كما أنّه يستكشف من تعلَّق البعث إلى ذيها تعلَّق الإرادة به ، فأين الملازمة بين الإرادتين . فظهر من جميع ما ذكرنا : عدم ثبوت الملازمة ؛ لا بين نفس البعثين ، ولا بين الإرادتين المتعلَّقتين بهما . الوضوء بنفسه من العبادات المستحبّة إذا عرفت ما ذكرنا يظهر لك : أنّ الوضوء لا يكون واجباً بعنوان المقدّميّة ، ولا مندوباً كذلك ، والاستدلال على ذلك بالآية والرواية والإجماع - كما في كلامهم [1] لا يفيد أصلًا ، فإنّه - مضافاً إلى ما عرفت : من أنّ ظاهرها الإرشاد إلى شرطيّة الوضوء للصلاة [2] وعدم تماميّتها بدونه بعد حكم العقل بعدم الملازمة ، لا بدّ من تأويلها لو سُلَّم كون ظاهرها الأمر المولوي الغيري . نعم يكون الوضوء بنفسه - لا بعنوان المقدّميّة من المندوبات النفسيّة والعبادات المستحبّة وهو بهذه الصفة مقدّمة للأفعال المشروطة به ، لا أن يكون نفس الوضوء مقدّمة لها ، وقد حقّق في الأُصول عباديّة الطهارات الثلاث ، فراجع [3] .