قال : " والتقييد في إطلاقات الجاري إخراج للفرد النادر ؛ لأنّ ما لا يبلغ مع ما في المادّة - بل بنفسه كُرّاً قليل ، بخلاف تقييد الماء بغير الجاري في أدلَّة إناطة الاعتصام بالكثرة ، فإنّه إخراج للفرد المتعارف . ودعوى : أنّ الخارج عن أحد الإطلاقين هو الجاري القليل ، ولا يتفاوت الحال بين خروجه عن إطلاقات الجاري أو عن تلك الإطلاقات . مدفوعة : بأنّ الخارج من أدلَّة إناطة الاعتصام بالكثرة - في مثل قوله ( عليه السّلام ) بعد السؤال عن الماء الذي لا ينجّسه شيء إنّه الكُرّ من الماء ، وقوله إذا كان الماء قدر كُرّ لم ينجّسه شيء ونحو ذلك هو مطلق الجاري ، فيكون المقسم في هذه الأدلَّة هو الماء الراكد ، وهذا أبعد من تقييد الجاري بما يبلغ حدّ الكُرّ ، كما لا يخفى على المنصف [1] " . كلام للمحقّق الهمداني في المقام وعلَّل ذلك - أي كون الخارج عن إطلاقات أدلَّة الاعتصام هو مطلق الجاري ، لا خصوص القليل منه في " المصباح " : بأنّ تخصيص المفهوم بما عدا القليل الجاري ، يستلزم تقييد الماء في منطوق القضية بالراكد ؛ إذ لا يُعقل شمول المنطوق للكثير الجاري وعدم شمول المفهوم لقليله ؛ لأنّ المفاهيم من قبيل اللُّبّيات ؛ منشؤها الاستلزامات المحقّقة بين المناطيق ومفاهيمها ، فلا يُعقل التصرّف فيها - ولو بالتخصيص إلَّا بالتصرّف في المنطوق [2] . أقول : أمّا ما ذكره في " المصباح " تعليلًا لكون الخارج من أدلَّة إناطة
[1] الطهارة ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 1 : 78 . [2] مصباح الفقيه ، الطهارة 1 : 41 .