والظاهر أنّ عدم التنجيس إنّما هو لعدم كونه نجساً حتّى يؤثّر فيه ؛ لما هو المرتكز في أذهان المتشرّعة من أنّ النجس يكون منجّساً ، فإذا لم يكن الشيء منجّساً لدلالة الدليل عليه ، فيفهمون من ذلك عدم كونه بذاته نجساً ؛ للملازمة المعهودة عندهم بين نجاسة الشيء ونجاسة ملاقيه ، ولذا لو علموا من الدليل نجاسة شيء لا يتردّدون في نجاسة ملاقية ، ولا يتوقّفون عن الحكم إلى أن يقوم الدليل عليه بالإضافة إلى الملاقي ، وليس ذلك إلَّا لثبوت الملازمة ، فبارتفاع أحد طرفيها يستكشفون ارتفاع الطرف الآخر أيضاً ، كما لا يخفى على من تتبّع طريقتهم . ولهذه الملازمة تخصّص قاعدة " النجس منجّس " ؛ حيث إنّ البناء على الطهارة يستلزم أن لا يكون البول والغائط مؤثّراً في تنجيس الماء الملاقي معه . إن قلت : إنّ البناء على الطهارة - كما هو المفروض يستلزم تخصيص عموم أدلَّة انفعال الماء القليل أيضاً . قلت : إنّ هذه القاعدة ليست قاعدة مستقلَّة في مقابل قاعدة " النجس منجِّس " ، لا في عرضها ، ولا في طولها ، بل هي من أفراد تلك القاعدة ومصاديقها ، فليست هنا قاعدتان مستقلَّتان ؛ حتّى يكون الحكم بطهارة ماء الاستنجاء تخصيصاً بالنسبة إلى كليهما ، كما هو واضح . حول كلام الشيخ الأعظم في المقام ثمّ إنّ الشيخ ( قدّس سرّه ) في كتاب " الطهارة " ذكر أوّلًا : أنّ المستفاد من الأخبار المتقدّمة إنّما هي طهارة الماء ، فيتعيّن تخصيص ما دلّ على انفعال الماء القليل ، وهو أولى من تخصيص القاعدة المستفادة من تعدّي نجاسة كلّ متنجّس .