المقام الثاني : التوضّي بالمشتبهين مع نجاسة أعضاء الوضوء وأمّا الكلام في المقام الثاني فملخّصه : أنّه تصحّ الصلاة عقيب الطهارتين لقاعدة الطهارة ، التي هي المرجع بعد تعارض الاستصحابين . وذلك - أي وجه جريانهما أنّه لا بدّ - حينئذٍ من تطهير مواضع الوضوء بالماء الأوّل ، ثمّ الوضوء به ، ثمّ التطهير بالماء الثاني ، ثمّ الوضوء به . فيعلم إجمالًا بارتفاع النجاسة السابقة ؛ إمّا بالماء الأوّل أو بالماء الثاني ، ويشكّ في ارتفاع الطهارة الحادثة ؛ لاحتمال كون الماء الطاهر هو الماء الثاني ، فتستصحب . وكذلك يعلم - تفصيلًا بنجاسة الأعضاء حين اغتسالها بالماء الثاني قبل حصول شرائط التطهير ، والمفروض الشكّ في ارتفاعها ؛ لاحتمال كون الماء الطاهر هو الماء الأوّل فتستصحب . ويتعارض الأصلان ويسقطان ، والمرجع هي قاعدة الطهارة ، فتصحّ الصلاة بذلك الوضوء على مقتضى القاعدة ، وعليه يكون الحكم في الروايتين [1] مخالفاً للقاعدة . ولكن لا يخفى أنّ هذا الفرض في غاية الندرة ؛ إذ لو كان بعض الأعضاء نجساً دون البعض الآخر ، يكون حكمه حكم ما لو كان كلَّها طاهراً ، وفرض ما لو كانت محالّ الوضوء نجسة بأجمعها دون غيرها ، فرض نادر لا يكاد يتّفق إلَّا قليلًا ، كما لا يخفى .
[1] الكافي 3 : 10 / 6 ، تهذيب الأحكام 1 : 248 / 712 ، وسائل الشيعة 1 : 151 ، كتاب الطهارة ، أبواب الماء المطلق ، الباب 8 ، الحديث 2 و 14 .