الاستدلال بالكتاب على أنّ الماء طاهر مطهِّر وكيف كان ، فقد استُدلّ [1] لإثبات ذلك بالكتاب : قال الله تعالى * ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِه وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً لِنُحْيِيَ بِه بَلْدَةً مَيْتاً ونُسْقِيَه مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وأَناسِيَّ كَثِيراً ) * [2] . بتقريب : أنّ الطهور صيغة مبالغة من الطاهر ، وحيث إنّ الطهارة في مقابل النجاسة غير قابلة للشدّة والضعف ، فلا محيص أن يكون المراد به المطهّريّة للأحداث والخبائث ، وهذا المعنى بضميمة أنّ كلّ ماء فهو نازل من السماء ، وأنّ مقام الامتنان يقتضي التعميم لكلّ ماء ، يُثبت المطلوب ، وهو أنّ كلّ ماءٍ مطلقٍ طاهرٌ ومطهِّر . أقول : الطهارة في اللغة عبارة عن النظافة والنزاهة [3] ؛ أي بحسب نظر العرف والعقلاء ؛ من دون فرق بين أن يكون في نظر الشارع نجساً ، أم لم يكن كذلك . ومن الواضح أنّ المراد بالطهور الطهارة بهذا المعنى اللغوي ، وهو قابل للشدّة والضعف والزيادة والنقصان ، فيصحّ أن يقال : إنّ الماء النازل من السماء في غاية النظافة وشدّة النزاهة . والوجه فيه : كونه مُزيلًا للخبائث والأقذار ، فهو الأصل في النظافة .