بمنزلة قولنا : إنّ نفسه مطهر لنفسه ، وهذا لا ينافي اختصاص المطهر - بالكسر - بالبعض العالي والمطهر - بالفتح - بالبعض السافل ، وأمّا المشبه به ، أعني : ماء النهر فإمّا أن يكون موضوعا للأعم من القليل والكثير كما يشهد بهذا توصيفه بالصغير والكبير ، وإمّا أن يكون منصرفا إلى الكثير ، لكن هنا يكون وصف كثرته ملغى ، وإنّما وقع مشبها به باعتبار وصف الجريان ، وإلَّا ناسب أن يقال : كماء البحر ، ولو قيل مع ذلك : كماء النهر يلزم أن يكون حيث كونه ماء النهر وجاريا ملغى ، مع أنّ العرف يفهم الدخل للجريان دون الكثرة ، كما يفهم من قولك : ماء الحمام كماء البحر ، العكس . فإن قلت : يكفي في دخل وصف الجريان في التشبيه ، الشباهة الصورية بين ماء الحمام حين الاتصال بالمادة وبين النهر في الجريان الفعلي . قلت : الغرض تشبيه ماء الحمام بماء النهر في الحكم وهو ما ذكره بقوله : يطهّر بعضه بعضا ، لا في الصورة ، والحاصل أنّ ظهور هاتين الروايتين في عدم انفعال مطلق الجاري ممّا لا ينكر ، وحينئذ فيقع بين هذه الأدلَّة وبين أدلَّة انفعال ما دون الكر من الماء تعارض بحسب الصورة . فإن قلنا : باختصاص مورد تلك الأدلَّة بالماء الراكد - كما يشهد بذلك ورود أكثرها في مورد الغدران ونحوهما كما يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى - فلا معارضة أصلا . وإن قلنا : بأنّ الموضوع فيها مطلق الماء ثبت المعارضة ، والنسبة هو العموم من وجه ، فإنّ مفاد الأولى : أنّ الماء الجاري لا ينفعل وإن كان قليلا ، ومفاد الثانية : أنّ الماء القليل ينفعل وإن كان جاريا ، فيجتمعان في القليل الجاري ، فإمّا أن يحكم