وبمرسلة ابن أبي يعفور : ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا [1] ، وقد يستشكل في دلالته بأنّ التطهير هنا يكون بمعنى الدفع وحفظ الطهارة ، مثله في آيتي تطهير أهل البيت [2] وتطهير مريم [3] ، وذلك لأنّه واقع في جواب السؤال عن ماء الحمام الذي يغتسل فيه اليهود والنصارى ، فتوهّم السائل أنّه يصير بذلك نجسا ، فأجاب - عليه السلام - بأنّه كماء النهر يطهّر بعضه بعضا ، يعني يحفظ بعضه بعضه الآخر عن أن يصير نجسا ، ثمّ البعض يشمل كل بعض من ماء النهر ، فالمعنى أنّ كل بعض من النهر يحفظ كل بعض منه عن النجاسة ، فيكون للأبعاض المتقدمة دخل في اعتصام البعض المتأخّر من الجميع المتصل بالمادة ، فهذا يدل على اعتبار الكثرة في ماء النهر ، لأنّ اعتصام بعض بكل بعض إنّما هو من خواص الكثرة . وفيه أوّلا : أنّه لا داعي إلى حمل التطهير هنا على الدفع ، بل لا مانع من الحمل على الرفع ، وذلك لأنّ أصل النجاسة لم يكن محط نظر السائل ، فإنّ استعمال اليهود وشبههم لماء الحوض كان في زمان انفصال الماء من الخزينة ، فسؤالهم إنّما هو عن أنّه هل يصير بعد ذلك طاهرا أم لا فأجاب - عليه السلام - بأنّه كماء النهر يطهر بعضه بعضا ، يعني كما أنّ كل بعض عال من النهر رافع لنجاسة سافله ، فكذلك حال ماء الحمام حين الاتصال بالمادة . وثانيا : أنّه لا يلزم أن يكون البعض شاملا لكل بعض ، إذ الكلام مسوق لبيان عدم احتياج الماء في التطهير إلى مطهر من الخارج كإلقاء كر ونحوه ، فهو
[1] - الوسائل : ج 1 ص 112 ، ح 7 . [2] - سورة الأحزاب ، الآية : 33 . [3] - سورة آل عمران ، الآية : 42 .