عمومها هذا النحو بالنسبة إلى الجزء العالي بالإجماع ، فلا إشكال أنّه يقتصر في تخصيص العموم على القدر المتيقّن فيرجع في موارد الشك إلى ذلك العموم ، ومن جملتها هذا المقام . وأمّا إن قلنا : بأنّ الأدلَّة منصرفة عن هذا النحو من الملاقاة فلا يخلو إمّا أن نقول : بأنّ المقتضي للتنجيس غير حاصل للعالي إمّا بالقول بأنّ ملاقاة السافل ليس ملاقاة للعالي ، وأمّا بالقول بأنّ الملاقاة وإن كانت حاصلة بالنسبة إلى المجموع العالي والسافل ، لكن الملاقاة المقتضية مختصّة بالسافل ، فليست لهذه الملاقاة اقتضاء التنجيس في العالي ، وأمّا أن نقول بأنّ الملاقاة حاصلة بالنسبة إلى المجموع وهي مقتضية أيضا بالنسبة إليه ، ولكن العلو مانع لدى العرف كالكرية لدى الشرع عن التنجّس بمقتضى التنجيس . فإن قلنا بالأوّل فواضح أنّ حال هذه الملاقاة بالنسبة إلى العالي حال المجاورة ، فالتغيّر الحاصل منها كالتغيّر الحاصل من المجاورة . وإن قلنا بالثاني فيلزم التنجّس في هذا الفرع مع عدمه بدون التغيّر ، لكن يدفع هذا الاحتمال العمومات الدالَّة على أنّ غير ماء المطر والجاري والكر ينجس بملاقاة النجاسة ، فيكون هذا تخطئة لنظر العرف حيث رأى العلو أيضا في عرض هذه الأمور . مسألة : قد يستدل على طهارة الكثير المتغيّر بمجرد زوال تغيّره ولو من قبل نفسه بقوله : « إذا بلغ الماء قدر كر لم يحمل خبثا » والكلام تارة في السنة وأخرى في الدلالة ، أمّا السند ففي غاية الضعف ، فلم يعمل به على ما حكى إلَّا ابن حيّ من العامّة .