غايتها زوال الريح وطيب الطعم ، فالمقصود ذلك . ثمّ قوله : « لأنّ له مادة » يعني لقوّته باتصاله بماء لا ينفعل ، هذا . وتحقيق حال الرواية أنّها ذو احتمالات : الأوّل : أن يكون قضايا كل لاحقة متفرّعة على سابقتها [ و ] كانت الجميع بمنزلة قضية واحدة ، فقوله : « لا يفسده شيء » شرح قوله : واسع ، وقوله : « فينزح » تفريع على قوله : « واسع لا يفسده » إلخ ، فيكون علَّة قوله : « فينزح » قوله : « لا يفسده شيء » فيرجع قوله : « لأنّ له مادة » إلى أوّل الكلام ، أعني : قوله : « واسع » فيصير المحصّل أنّ ماء البئر لكونه ذا مادة يكون واسعا ، يعني : لا يفسده شيء إلَّا بالتغيير ، ولكونه لا يفسده شيء إلَّا بالتغيّر الذي هو معنى واسعيته يكون مطهره زوال التغيّر ، فيناسب حينئذ عرفا أن يكون الغرض من النزح ، المقدمية الصرفة ، لأنّ مناسب انحصار المنجّس في التغيّر كون المطهر زوال التغيّر ، فتدلّ الرواية بعموم التعليل بالواسعية على أنّ كل ماء لا ينجسه شيء إلَّا بالتغيّر ، يطهر بزوال التغيّر ولو لم يتّصل بماء عاصم أصلا . الثاني : أن تكون « الفاء » في قوله : « فينزح » للتعقيب لا للتفريع ، فيكون ما بعدها قضية مستقلة وما قبله قضية كذلك ، فيتركَّب الرواية من قضيتين : إحداهما متعرّضة لبيان تنجيس ماء البئر ، والأخرى لبيان تطهيره . وقوله : « لأنّ له مادة » أمّا تعليل لكلتا القضيتين وإمّا راجع إلى الأخيرة فقط . وحينئذ فالمراد بقوله : « فينزح » مجرد المقدمية لزوال الريح وطيب الطعم بقرينة حتى ، فخصوصية النزح ملقاة ، والمقصود نفس زوال التغيّر ، ثمّ قوله : « لأنّ له مادة » ، تعليل للطهارة بعد زوال التغير ، والعرف يفهم منه أنّه لا خصوصية للمادة بما هي مادة ، بل لكونها ماء لا ينفعل بالنجاسة فكأنّه قيل : لأنّه قوي الظهر