الثانية فقد حقّق في الأصول أنّ المهملة إذا وقعت في سياق النفي تفيد العموم : من غير حاجة إلى إحراز كون المتكلَّم في مقام بيان أزيد من مقام بيان محرز في عامة باب الألفاظ ، لأنّ نفي المقسم نفي لجميع الأقسام ، بخلاف الإثبات فإنّه يتحقّق بوجود قسم واحد . وعلى هذا فمفاد الفقرة الثانية أنّ جنس التطهير غير واقع على الماء ، وهذا نفي لجميع أقسام التطهيرات عن الماء . والثالث : إنّ « الماء يطهّر » يعني يتمشى منه التطهير ولكنّه أجلّ من أن يطهّر ، يعني أنّه ليس قابلا للانفعال حتى يحتاج إلى التطهير كما هو المنساق من نظائر هذه العبارة ، فقولك : زيد يعطي ولا يعطى ، يعني أنّه لغني نفسه لا يحتاج إلى عطاء الغير ، لا أنّه لو افتقر لا يعطيه أحد شيئا . فالرواية على الأوّل غير متعرّضة لحال مسألتنا . وعلى الثاني تدلّ على عدم قبول الماء بعد الانفعال لتطهير أصلا ، فلا بدّ من إعدام موضوعه باستهلاكه في ماء عاصم . وعلى الثالث : تدلّ على أنّه غير قابل للانفعال حتى يحتاج إلى تطهير ، فيكون مطلقا قيّد بماء القليل ونحوه ، والأظهر هو الاحتمال الأخير ، وعلى فرض التنزل فلا أقل من تكافؤ احتمالات . ويستدل على القول بالاتصال بصحيحة ابن بزيع في ماء البئر : « ماء البئر واسع لا يفسده شيء إلَّا أن يتغيّر ريحه أو طعمه ، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب الطعم لأنّه له مادة » [1] بقرينة أنّ قوله : « حتى » قرينة على كون النزح مقدمة
[1] - الوسائل : ج 1 ، ب 14 ، من أبواب الماء المطلق ، ح 6 ، 7 .