التيمم فيه مشروعا ، والدليل على هذا ظاهر أدلة تشريع التيمم ، مثل قوله : « التراب أحد الطهورين » [1] وقوله : « ربّ الماء ربّ التراب » [2] ، وقوله : « يكفيك التراب عشر سنين » [3] حيث إنّ ظاهرها أن التراب طهور رسمي بقول مطلق مثل الماء ، غاية الأمر عند عدم الماء ، خصوصا الحكم بالكفاية عشر سنين بملاحظة ابتلاء المكلَّف في هذه المدّة بغير الصلاة والصوم ، من مسّ القرآن والمكث في المسجد ونحوهما ، ومحلّ تفصيل الكلام في ذلك باب التيمّم . الثانية : إنّ الحقّ أيضا أنّ بدلية التيمم عن الغسل والوضوء ليست مخصوصة بصورة العجز عن استعمال الماء ، إمّا لفقدانه رأسا ، وإمّا لوجود المانع من استعماله في بدن المكلَّف من مرض ورمد ونحوهما ، بل تكون ثابتة في صورة عدم التمكن من استعمال الماء لأجل الغاية المقصودة لضيق وقت هذه الغاية ، غاية الأمر أنّ الفرق بين التيمّم لأجل الفقدان أو المانع من الاستعمال في البدن ، وبين التيمم لأجل ضيق الوقت ، أنّ التيمم لأحد الأولين نافع بحال هذه الغاية التي أتى بالتيمم لأجلها وبحال سائر الغايات ، فإذا كان الغاية المأتي به لأجلها هو الصلاة فكما يجوز الدخول به في الصلاة يجوّز الغايات الأخر أيضا مثل مسّ الكتاب واللبث في المسجد ، ونحوهما ، وأمّا التيمّم لأجل الضيق فلا يباح بسببه سوى الغاية المقصودة التي ضاق وقتها ، دون سائر الغايات التي لم يصر وقتها ضيقا ، ووجه ذلك أنّ المكلَّف بالنسبة إلى هذه الغاية المقصودة غير متمكن من استعمال الماء ، فهو داخل في قوله تعالى : « فَلَمْ تَجِدُوا ماءً » [4] بالنسبة إلى هذه
[1] - الوسائل : ج 2 ص 984 ، ح 15 . [2] - المصدر نفسه : ج 2 ص 984 ، ح 13 . [3] - المصدر نفسه : ح 12 . [4] - النساء / 43 ، المائدة / 6 .