عند الشرع ويلحقه أحكام النجس ، غاية الأمر أنّه نجس بالواسطة ولا إشكال في ذلك [1] ، إنّما الكلام في أنّ المحرم خصوص المعدية الملوثة أو مجرد إدخال النجس ؟ فنقول : الأمر دائر بين الجمود على صرف اللفظ في قوله : « جنّبوا مساجدكم النجاسة » فإنّه يقتضي الحمل على التباعد بين المسجد والنجاسة ، والالتزام بكون الموارد التي يكون على خلاف ذلك وعلم من الشرع جوازها ، مثل اجتياز الحائض في غير المسجدين ، وحضور المستحاضة ، والسلس ، وصاحب القروح والجروح للجماعة والجمعة مخصصات لهذا الحكم الكلي . وبين أن يقال بأنّ الحكم المذكور ليس على ما يعطيه الجمود على لفظه ، بل الحكم إنّما هو بلحاظ التلويث وهو مستفاد في العرف من أمثال هذه العبارة ، فلا تكون الموارد المذكورة مخصّصات ، ولا يخفى أنّه عند الدوران بين هذين فلا يكون الأولى هو الأوّل ، بل الأولى هو الثاني ، والقول بأنّا نستكشف من هذه الموارد أنّ الحكم بالاجتناب يكون بلحاظ التأثير والتلويث والتسرية ، وإذن فيكون مجرّد إدخال النجاسة بلا مانع . نعم إلَّا إذا كان موجبا للهتك ، فحينئذ لا كلام في حرمته ولا اختصاص به ، بل كل أفراد الهتك حرام ، فلو فرض جريان الرسم في زمان أو مكان على كون شرب التتن في بيت رئيس القوم وكبيرهم هتكا له ، كان الشرب في هذا الزمان وهذا المكان في المسجد حراما لكونه توهينا له .
[1] - الحقّ في ذلك إنّ النجاسة إن كانت مصدرا حتى يكون المعنى « جنبوا مساجدكم عن أن تنجس » فلا فرق بين أن ينجس من نجس العين كالخمر ، أو من متنجس كالماء المتنجّس وإن كانت اسما ، فالظاهر شموله لكلا القسمين أيضا ، وذلك لوضوح صدق النجس على الثوب أو الماء المتنجّس مثلا ، فلا فرق على الوجهين من هذه الجهة ، نعم يظهر بينهما الفرق من جهة أخرى ، تقدمت الإشارة إليها فتدبّر . منه - رحمة اللَّه عليه .