التعدّي إلى باب الطهارة والنجاسة أيضا ، لقيام العلة في هذا الباب أيضا ، فإنّه يقال للقاطع بالنجاسة في السابق الشاك في اللاحق : هل تجتنب عن هذا الشيء وتقول : إنّه نجس وترتّب جميع أحكام النجس عليه فمن أين جاز جميع ذلك ، ولا يجوز أن تشهد بأنّه نجس ؟ نعم العلَّة الأخيرة المذكورة في الرواية وهو قوله : « لو لا ذلك لما قام للمسلمين سوق » مختصة بباب الملكية دون هذا الباب ، فإنّ معناه إنّ الأملاك الموجود في أيدي الملاك كلَّها أو جلَّها مسبوقة بأيدي غيرهم ، وهي أيضا مسبوقة بأيدي آخرين وهكذا ، ولو جاز التشكيك في مالكية صاحب اليد بالنسبة إلى ما في يده ، لما استقر ملك أحد على شيء ، وهذا ينجر إلى انهدام أمر السوق . وأمّا في هذا الباب لو لم يبن في موارد اليقين السابق بالنجاسة مع الشك اللاحق على النجاسة ، بل بنى الأمر على الطهارة لم يحصل بذلك نقص في أمر سوق المسلمين ، كما هو واضح ، ولكن هذا لا يورث قدحا في الاستدلال ، إذ غاية الأمر أنّ الحكم وهو جواز الشهادة متكلا على أمارة ظاهرية معلَّل في خصوص اليد وباب الملكية بعلَّتين ، فانّ الظاهر أنّ هذا علَّة مستقلة وليست من تتمة العلَّة السابقة ، وإذن فيكفي في سائر الأبواب عموم العلَّة الأولى . فإن قلت : يمنع عموم العلَّة الأولى ، إذ الظاهر منها الحلَّية التي منشؤها بناء العقلاء وارتكازهم ، يعني : كلَّما كان الأعمال المزبورة بحسب مشي العقلاء وبنائهم جائزا حلالا ، كان الشهادة أيضا جائزة ، ومن المعلوم أنّ هذا لا يرتبط بباب الاستصحاب الذي هو صرف حكم شرعي ، ويكون منشأ العمل فيه هو الشرع بدون مساعدة العقلاء .