فإن قلنا بتعميم حجية البيّنة بالنسبة إلى مورد التوافق في المدلول الضمني حكم أيضا بنجاسة أحدهما ووجوب الاجتناب عن كليهما ، وإلَّا كما هو المختار فلا يحكم بنجاسة شيء منهما ، لعدم اتفاقهما في الاخبار بالاستقلال ، لا في نجاسة هذا المعيّن ولا في نجاسة أحدهما . وحاصل الكلام : في حجية البيّنة من جهة اعتبار التوافق في المخبر به الاستقلالي هو أن يقال : إنّه لا إشكال في أنّ حجية البيّنة في الشرع إنّما هي باعتبار طريقيّتها إلى الواقع نوعا وغلبة مطابقتها ، فكل قيد كان دخيلا في الطريقية النوعية وغلبة المطابقة قطعا ، وشك في ملحوظيته للشرع وعدمها ، فحيث لا إطلاق في باب البيّنة وجب الأخذ بهذا القيد . ومن هذا القبيل القيد في ما نحن فيه ، ووجه ذلك أنّه لا إشكال في أنّه كما أنّ تعدّد الخبر يوجب الظن بصدق القضية خصوصا إذا كان المخبر عادلا ، كذلك اتحاد القضية المخبر بها بالاستقلال أيضا يوجب الظن بالصدق مثلا لو قال عادل : جاء زيد حصل مرتبة من الظن بمجيء الإنسان ، ولو قال عادل آخر ، جاء عمرو ، صار الظن بمجيء الإنسان أزيد ، فإذا قال كلاهما : جاء الإنسان ، حصل الظن الأقوى ، ووجهه أنّه مشتمل على ثلاث جهات : الأولى : تعدّد الاخبار . والثانية : عدالة المخبر . والثالثة : وحدة القضية المخبر بها بالاستقلال . فإذا احتملنا بعد القطع باعتبار الشارع الجهتين الأوليين في البيّنة في لحاظه الجهة الأخيرة ، فحيث لا إطلاق وجب الأخذ بالمتيقّن ، وهو الجامع لجميع هذه