صدوره منهم ، مع امتناع تواطئهم على الكذب ، وهو في الصورتين موجود ، فإنّه كما أنّ في الصورة الأولى على تقدير عدم مجيء الإنسان يلزم هذا المطلب المستبعد عادة ، كذلك في الصورة الثانية ، فإنّ كل واحد من الإخبارات بالخصوصيات متضمّن للإخبار عن الجامع وهو مجيء الإنسان . ولكن الانصاف : عدم إمكان القول بذلك في باب التواتر ، بل التحقيق هو الفرق بين الصورتين بثبوت التواتر في الأولى دون الثانية ، والشاهد على ذلك أنّ المتكلَّم والمخبر بمجيء زيد على تقدير عدم مجيء الإنسان لا يصدق أنّه صدر منه كذبات عديدة ، ولو كان الاعتبار بالإخبار الضمني أيضا للزم صدور كذب منه باعتبار إخباره بمجيء الزيد ، وكذب آخر باعتبار الإخبار بمجيء الإنسان ، وآخر باعتبار الإخبار بمجيء الحيوان ، ورابع باعتبار الاخبار بمجيء الجسم ، وخامس باعتبار الإخبار بمجيء النامي ، وسادس باعتبار الإخبار بمجيء الجوهر ، مع أنّ من البديهي أنّ الإخبار المذكور خبر واحد ذو صدق وكذب واحد . وهذا بخلاف الصورة الأولى ، فإنّه لو لم يجئ الإنسان لزم صدور كذبين من كل واحد من الجماعة ، أحدهما باعتبار الإخبار بمجيء الإنسان ، والآخر باعتبار الإخبار بمجيء الشخص الخاص ، فلهذا يثبت التواتر في هذه الصورة بالنسبة إلى مجيء الإنسان ، إذ من الممتنع عادة كذب هذه الجماعة التي هي العشرون مخبرا مثلا ، في بلد واحد ، ويوم واحد وفي مضمون واحد وخبر واحد ، إلَّا أن يتواطؤا على الكذب ، والمفروض قيام القرينة على عدم تواطئهم أيضا . وأمّا في الصورة الثانية : لو لم يجئ الإنسان فلا يلزم إلَّا صدور عشرين كذبا من عشرين مخبرا في عشرين موقعا ، وهذا ليس من البعيد اتّفاقه في البلدة الواحدة