الواقع الذي هو ذو أثر شرعا ومشكوك في بقائه وارتفاعه ، والمطلوب به في الشبهات المفهومية جرّ ما هو أجنبي عن الأثر بالمرة . فإن قلت في الشبهة المفهوميّة في مسألة الكر : لنا متيقن ومشكوك آخران يكونان في موضوع ذي أثر وهو عنوان المانع ، وذلك لأنّا قد استفدنا من أدلَّة اشتراط الجريان أو الكرية أو المادة في اعتصام الماء أنّ الماء في حد نفسه قابل للانفعال ويكون فيه المقتضى له ، وأنّ الأمور الثلاثة موانع عن انفعاله . فنقول : إنّا نقطع بتحقق عنوان المانع عن الانفعال في نفس الماء سابقا في المثال الثاني ، وبعدمه في الأوّل ، والشك حاصل في كليهما في اللاحق ، فنستصحب وجود المانع في الأوّل وعدمه في الثاني ، ولا شك أنّ لعنوان المانع وجودا وعدما دخلا في التأثير عقلا ، فيترتب على عدمه المجامع لوجود المقتضي الأثر العقلي وعلى وجوده الأثر الضد . لا يقال : إنّ هذا الأصل من الأصول المثبتة ، فإنّ الأثر وإن كان شرعيا إلَّا أنّ ترتيبه على عنوان المانع أو على عنوان عدم المانع عقلي ، ويعتبر في الاستصحاب أن يكون المستصحب إمّا نفس الحكم الشرعي وإمّا الموضوع الذي له أثر شرعي بلا واسطة قد رتبه الشرع عليه ، فكما أنّ استصحاب الموضوع الذي ليس له أثر شرعي بل كان له أثر عادي ولأثره أثر شرعي ، وكذا استصحاب أحد المتلازمين في الوجود لإثبات الآخر أو استصحاب اللازم لإثبات الملزوم من الأصول المثبتة ، كذلك استصحاب الموضوع الذي يكون له أثر شرعي بلا واسطة ، لكن لم يرتب الشرع هذا الأثر عليه ، بل العقل كما في المقام ، فإنّ المانع متى تحقّق وجوده فالحكم بترتّب الطهارة أو عدمه فالحكم بترتّب النجاسة أمر يحكم به العقل ، فإنّ ترتيب