نهج واحد ، فإمّا متعلَّق بالمطلق ، وإمّا بالمقيد ، ولا يمكن الجمع ، فلهذا يحمل المطلق على المقيّد ويقال : إنّ المراد به أيضا هو المقيّد ، وهذا بخلاف ما إذا لم يذكر السبب ولم يعلم باتحاد التكليف ، فإنّه حينئذ يكون من المحتمل وجود تكليفين نشأ كل منهما من سبب على حدة ، كان أحدهما مقتضيا للحكم على المطلق ، والآخر على خصوص المقيّد ، والمقام من هذا القبيل ، فلا تنافي بين الروايتين أصلا ، فلا وجه للحمل وتقييد المطلق . اللَّهم إلَّا يتمسّك في التقييد المزبور بالإجماع إن أمكن إثباته ، كما حكي عن شرح المفاتيح أنّه قال : لم يقل بالتعميم أحد ، فكان المقيّد للصحيحة حينئذ هو الإجماع ، ولكن إثباته مشكل ، وإنّما المتحقّق هو الشهرة وذهاب الأكثر إلى التقييد ، ومجرّد الشهرة الفتوائية قد تقرّر في الأصول عدم حجيتها ، فلا يصلح لتقييد الرواية الصحيحة . إلَّا أن يستفاد من عمل المشهور وفتاويهم وجود مدرك معتبر لهم على التقييد ، كما ذكر نظير ذلك شيخنا المرتضى في بحث نجاسة الكتابي ، فإنّ الأخبار الصحيحة السند الصريحة الدلالة هناك موجودة على الطهارة ، ومع ذلك اختار شيخنا النجاسة ظ والمستند له ذهاب المشهور إلى النجاسة ، وإنّا لا نحتمل قطَّ أن تكون هذه الروايات بهذه الكثرة والصحة في السند والوضوح في الدلالة لم يطلع عليها الأصحاب ولم يمر على أنظارهم ، أو اطَّلعوا عليها ولكن غضّوا عنها بلا جهة ، وتشهّيا من أنفسهم ، كلَّا وحاشا منهم عن أمثال ذلك . فتعيّن أن يكون بيدهم مدرك معتبر كان هو منشأ فتواهم ، وقطعهم بخلاف هذه الروايات ، فهم قد اطَّلعوا على ما لم نطَّلع عليه ، وحينئذ فيكون وجه