بأكل اللحم المطبوخ بالعصير ، مع أنّه قد صار متنجّسا به عند غليان العصير فلا وجه لهذا الحكم ، إلَّا أنّه إذا ثلَّث العصير طهر هو واللحم معا . ولا يشكل بأنّ الحكم في هذه الرواية على خلاف القاعدة من الأصل ، حيث لم يقيّد عدم البأس فيه بذهاب الثلثين ، فإنّه قد كان من المفروغ عنه عند السائل اشتراط الحلية في العصير الغالي بذهاب الثلثين ، ولكنّه توهم اختصاص محلَّلية الذهاب ومطهريته بحال كون العصير خالصا غير ممتزج بغيره ، فسؤاله مربوط بأنّ كون اللحم فيه حال الغليان مضر بمطهرية الذهاب ومحلليته أو لا ؟ ولا يشكل بأنّ العصير في مفروض هذه الرواية كان مستهلكا في اللحم ، على ما يستفاد من قول السائل ، وإنّما هو لحم يطبخ به ، فإنّ معناه أنّه ليس مع اللحم شيء آخر ، وأنّ مقدار العصير إنّما هو على قدر حصول الطبخ به ، ولا يبقى منه بعد الطبخ شيء فالباقي بعد الطبخ هو اللحم المطبوخ بالعصير . وإذن فلعل الحكم المزبور مستند إلى هذه الجهة ، فإنّ هذا أيضا احتمال ضعيف ، إذ الاستهلاك بعد الوجود لا يثمر شيئا ، كما في قطرة دم وقعت في ماء قليل ثمّ استهلكت فيه ، فإنّه يورث نجاسة هذا الماء بلا إشكال مع أنّه صار مستهلكا فيه . وبالجملة فنحن بعد وجدان الحكم بعدم البأس في هذه الرواية ، نقطع بعدم اختصاص له بعمل محمّد بن عيسى ، ولا بقدره ، بل ولا بمطلق القدر ، فكما نقطع بإلقاء هذه الخصوصيات يمكن القطع أيضا بإلقاء خصوصية اللحم ، وإنّ هذا الحكم يجري في سائر الأشياء المجعولة في العصير الكائنة معه حال الغليان إلى حال الذهاب ، هذا .