على قدر آخر ، وكذا الأشياء المجعولة في العصير من التفاح ، ونحوه ، إذ ليس من الغالب وضعها بحيث كان الحكم بطهارة العصير ، بدون التعرّض لحال ذلك محسوبا دليلا على التبعية فيها . ومثل ذلك الكلام في العنب المتخذ للتخليل ، إذا طرحت في الحبّ على التدريج ومع فصل زمان يوجب نشيش المطروح المتقدّم ، فيورث تنجس ما يطرح بعده في الحبّ بملاقاته ، ثمّ يصير المجموع خلا ، فإنّه إن كان عمل الخل بهذا النحو ، أي الطرح التدريجي من الشائع الغالب ، لكان حكمهم بالطهارة إذا صار العصير خلا ، بدون التعرض لحال المطروح اللاحق المتنجس دليلا على طهارته بالتبع ، وأمّا لو لم يكن شائعا غالبا ، كما هو الواقع فيصير الأمر فيه مشكلا بناء على النجاسة . هذا . ولكن يمكن التمسّك على الطهارة في مسألتنا ، أعني : صبّ العصير الغير الغالي على الغالي الغير المثلَّث فصار المجموع مثلَّثا برواية القدر ، وهي مكاتبة محمّد بن عيسى إلى أبي الحسن الثالث - عليه السّلام - فكتب عندنا طبيخ يجعل فيه الحصرم ، وربّما يجعل فيه العصير من العنب وإنّما هو لحم يطبخ به ، وقد روي عنهم في العصير أنّه إذا جعل على النار لم يشرب ، حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه ، وأنّ الذي يجعل في القدر من العصير بتلك المنزلة ، وقد اجتنبوا أكله إلى أن يستأذن مولانا في ذلك ، فكتب : « لا بأس بذلك » [1] . فإنّه إمّا أن يقال : إنّ هذه الرواية دليل على طهارة العصير فنعم المطلوب ، وإمّا أن يجعل دليلا على المدعى - بناء على النجاسة - حيث حكم فيها بعدم البأس