الغليان بالنار ، وبغيرها في حدّ الحرمة ومعيارها ، إذ يكون المعيار في الصورة الأولى هو الغليان المفسّر بالقلب ، وفي الصورة الثانية هو النشّ الذي هو الغليات الصغيرة . والحاصل : أنّ مقتضى غير الخبر الأخير هو اعتبار الغليان ، وهو على ما هو ظاهره عرفا وفسّر به في الرواية ، عبارة عن المرتبة الشديدة التي هي صيرورة الأعلى أسفلا وبالعكس ، ويشهد على ظهوره العرفي سؤال الراوي عنه مع كونه من أهل اللسان ، فإنّه لمّا شك في أنّ المراد أظهر أفراده من المرتبة الشديدة أو الأعم سأل عن التعيين . وبالجملة : المعارض منحصر في الرواية الأخيرة التي يكون راويها الذريح بواسطة الحسن بن الجهم ، وهو من الثقات كما في رجال أبي علي بواسطة ابن فضال ، حيث قد اعتبر فيها النش ، ويمكن أن يقال : إنّ هذه الرواية أيضا لا يستفاد منها اعتبار غير الغليان ، وذلك لأنّ كلا من النش والغليان بحسب اللغة وإن كان أعم من المرتبة الضعيفة والشديدة ومن الحاصل بالنار وبغيرها ، إلَّا أنّ وقوعهما في الرواية على سبيل الترديد بكلمة « أو » يقتضي الاختلاف في ما يراد بهما . وحينئذ إمّا أن يحمل النش على المرتبة الضعيفة ، والغليان على الشديدة ، وإمّا أن يحمل النش على ما يحصل بالنار ، والغليان على ما يحصل بغيرها ، كما أنّ كلا منهما منصرف عرفا إلى هذين المعنيين ، أعني : ينصرف إطلاق النش إلى الضعيف وما يكون بغير النار ، وإطلاق الغليان إلى الشديد وما يكون بالنار ، فإن حملناهما على الأوّل لزم معارضة هذه الرواية مع سائر الأخبار ، التي اعتبر فيها الغليان بمعنى القلب الصريح في المرتبة الشديدة ، وإن حملناهما على الثاني ارتفع