ويمكن الخدشة فيه بأنّ المقام ليس من قبيل العام والخاص ، بل هو من قبيل المتباينين ، فإنّ مفاد قوله - عليه السلام - : خلق الله الماء طهورا على ما هو الظاهر من كون قوله : لا ينجسه شيء من لوازم الطهوريّة لا شيئا مستقلا ، فيكون بمنزلة قولنا : خلق الله الماء بحيث لا ينجسه شيء ، هو : أنّ عدم الانفعال وصف مخلوقي جبلي للماء ، وأنّ المحتاج إلى العلَّة هو الانفعال ، وهذا مخالف لمفاد قوله - عليه السلام - : الماء إذا كان قدر كر لا ينجسه شيء ، حيث إنّ ظاهره أنّ الماء بحسب ذاته ليس عاصما بنفسه عن النجاسة ، بل هو في نفسه منفعل ويحتاج عدم انفعاله إلى الكرية ، وحينئذ فلا بدّ من طرح الدليلين والرجوع إلى الأصل ، اللَّهمّ إلَّا أن يقال : إنّ ما ذكر إنّما يتمّ لو جعل في أدلَّة الكر عصمة الماء منوطة بشيء أجنبي عن الماء وليس كذلك ، لإناطتها العصمة على الكرية وهي ليس شيئا ما وراء الماء ، بل هو كمّ قائم بنفس الماء ، فالماء الخاص بخصوصيّة الكم الخاص قد اجتمع فيه المقتضى والمانع ، فمن حيث المائية مشتمل على المقتضى ، ومن حيث الخصوصية مشتمل على المانع . والحاصل : أنّه يصدق بعد التقييد بأدلة الكر أنّ عدم الانفعال وصف جبلي للماء ، غاية الأمر لا لكلّ ماء ، بل لماء خاص ، فتكون النسبة هو العموم والخصوص دون التباين هذا في المثال الأوّل . وأمّا المثال الثاني : أعني ما إذا شكّ في أنّ سببية الملاقاة للتغيّر لا بدّ وأن تكون على وجه الاستقلال أو تكفي على غير هذا الوجه أيضا ، فلا يمكن فيه الرجوع إلى عموم خلق الله إلخ ، إذا المفروض أنّ الدليل المشكوك ، أعني دليل التغيّر وقع عقيب هذا الكلام متصلا به واستثناء منه ، فيسري الإجمال منه إلى العموم كما تقدم بيانه فيتعيّن فيه الرجوع إلى الأصل العملي .