بقي الكلام في أنّ الأصل في المقام في الشبهات المصداقية عند عدم الحالة السابقة ، وفي الشبهات المفهومية عند عدم الدليل ما ذا ؟ فنقول وعلى الله التوكل ليعلم أوّلا أنّ الشك في كرية الماء المعيّن المعلوم الكم المسبب عن الشك في مفهوم الكر ، يكون على ثلاثة أقسام : الأوّل : أن يعلم أنّ الماء كان في السابق أقل من عشرين منّا فصار الآن بالغا إلى العشرين . الثاني : أن يعلم أنّه كان سابقا بقدر الأربعين الذي هو المتيقّن من الكر فصار الآن بقدر العشرين . الثالث : أن يعلم كونه بقدر العشرين في الحال ولم يكن له حالة سابقة بأن يكون موجودا دفعة ، أو كان له ولم يعلم . إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّه قد يتوهّم أنّه كما في الشبهة المصداقية في صورتي العلم بالحالة السابقة قلنا بالتمسك بالاستصحاب ، كذلك في الشبهة المفهومية أيضا في صورتيها الأوليين المعلوم فيهما الحالة السابقة نتشبث بذيل الاستصحاب ، فتبقى صورة الأخيرة محلَّا للكلام والإشكال . وتقريب الاستصحاب أن يقال : إنّ هذا الماء كان أقل من الكر قطعا بأيّ معنى كان الكر ، سواء كان بمعنى العشرين أو الثلاثين أو الأربعين ، فنشك في الحال أنّه باق على أقليته من الكر أوّلا بواسطة الترديد في معنى لفظ الكر بين المعاني الثلاثة ، فنستصحب الأقلية السابقة ونحكم بانفعاله بالملاقاة . وكذلك يقال في الصورة الثانية : إنّ هذا الماء كان كرا قطعا على جميع أطراف الترديد في معنى لفظ الكر ، ونشك الآن في بقائه على الكرية السابقة وعدمه