المسلمات والبديهيّات ، وبعبارة أخرى كان حكمه شائعا بين أهل الإسلام وكان الجاهل به من المنسوبين إلى هذا الدين قليلا نادرا . وقد تضاف هذه العناوين وأشباهها إليه مع التقييد ، ولا يصحّ التعبير بقول مطلق ، وهذا فيما هو محلّ للخلاف ، فكان قد ذهب قوم إلى حرمته ، وآخرون إلى حلَّيته وهكذا ، فلا يصحّ أن يقال : إنّ هذا الشيء من محرّمات هذه الشريعة إلَّا مع التقييد بقولنا عند الطائفة الفلانيّة . وبعد ما تبيّن لك هذا ، فاعلم أنّ الجاهل بحرمة حرام شائع حرمته بين أهل الإسلام مثل شرب الخمر مثلا لو استحلَّه ، أو الجاهل بحلال كذلك لو استحرمه سواء كان جهله عن تقصير ، أو عن قصور ، فلا إشكال أنّ نفس هذا الشخص وإن كان بزعمه غير مستحلّ إلَّا للحلال ، وغير مستحرم إلَّا للحرام ، ولكن يصحّ في حقّه مع هذا الزعم أن يقال : إنّه قد استحلّ الحرام ، وقد استحرم الحلال ، وكذلك يصدق أنّه ارتكب الكبيرة زاعما أنّها حلال ، فإنّ مادّة الزعم إنّما تستعمل في مورد إظهار الاعتقاد ، وهو أخصّ من الاعتقاد . كما وقع في موثّقة ابن بكير الواردة في لباس المصلَّي ، من أنّه - عليه السّلام - أخرج كتابا زعم أنّه إملاء رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فليس معناه أنّه اعتقد ذلك ، بل معناه أنّه أخرجه باسم أنّه إملاء رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وبهذا العنوان ، ويقال : فلان بالباب يزعم أنّه ابن فلان يعني جاء باسم أنّه ابن فلان وبخيال ذلك ، وهذا المعنى إمّا صريح في الجاهل بقسميه ، فإنّ من يجهل بحرمة الحرام ومن هذه الجهة يفعله يصحّ أن يقال : إنّه فعل الحرام بزعم أنّه حلال - أي بخيال أنّه حلال - ومصداق هذا القول إمّا منحصر فيه ، وإمّا يعمّه بناء على صحّة أن يقال في حقّ من يقطع بالحرمة ، ومع