فإن قلت : فإن كان الأمر في هؤلاء النواصب والخوارج على ما ذكرت فلا يتحقّق في حقّهم إنكار الضروري ، فهم غير منكرين للضروري لا أنّهم منكرون له وغير مكذّبين للنبي . قلت : لا يلزم أن يكون الضروري ضروريّا عند المنكر ، بل يكفي في صدق إطلاق منكر الضروري كون المنكر - بالفتح - أمرا معلوما عند عامّة أهل الإسلام وإن كان شرذمة قليلة منكرين له ، فهو لا يقدح في ضروريته ، فيصدق على هذه الشرذمة - وإن كانوا معتقدين عدم مجيء النبيّ به - أنّهم منكرون لضرورة دين الإسلام أي : ما يعلمه عامة أهل هذا الدين ويعدّ من شعارهم . وبالجملة : فإن قلنا بأنّ سببيّة إنكار الضرورة لنجاسة صاحبه إنّما هو من جهة رجوعه إلى تكذيب النبيّ ، فلا يمكن الحكم بنجاسة غير رؤساء هذه الطائفة النجسة من هذه الجهة ، بل لا بدّ فيه من التمسّك بالأدلَّة الخاصّة لنجاسة عنواني الناصب والخارجي ، كما يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى . وأمّا إن قلنا بأنّ هذا المعنى - أي إنكار الضروري - عنوان مستقل للنجاسة غير مربوط بتكذيب النبوّة وإنكار الرسالة ، فحينئذ أيضا يمكن تعميم الحكم إلى العالم بكونه ضروريا ، والجاهل به عن تقصير ، والغافل الصرف الذي ليس فيه إلَّا القصور ، غاية الأمر أنّ العقوبة الأخروية مرتفعة عن الجاهل القاصر ، لقبح عقابه بحكم العقل ، لكن لا منافاة بين ذلك وبين كفره ونجاسته . أمّا الكفر فإنّه عبارة عن عدم الاعتقاد بعقائد يناط الإسلام بها والاعتقاد بخلافها . وأمّا النجاسة فهو حكم دنيوي غير مرتبط بعالم الآخرة ، كما في الكلب