عالمين به ، ومعه يمتنع حبّهما له ، فحيث أحبّاه كشف عن حسن أمره إلى آخر دهره ، فتقبّل ذلك واستبصر . ولهذا أيضا قال أمير المؤمنين - عليه السّلام - بعد الفراغ من قتل الخوارج : « لا تقاتلوا الخوارج بعدي ، فليس من طلب الحقّ فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه » . [1] فإنّ وجه نهيه عن محاربة الطبقة المتأخّرة منهم ، أنّهم قد احتجب عليهم الحقّ وصاروا ذوي شبهة في الحقيقة وإن كان رؤساؤهم منكرين للحقّ والضرورة علنا . وبالجملة : فلا إشكال في أنّ رؤساء هذه الطائفة الخبيثة منكرون للضرورة ، ومكذّبون للنبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولكن من تحقّق في حقّهم الشبهة الموجودون من بعد الرؤساء ، فهم وإن كانوا منكرين للضرورة ، لكن لم يكونوا منكرين للنبوّة كما عرفت . فإن قلت : كيف يمكن تحقّق الشبهة واشتباه مثل هذا الأمر الذي نطق به القرآن العظيم بأعلى الصوت ، والأخبار المتواترة عن النبيّ الكريم ؟ قلت : ليس في القرآن والأخبار إلَّا التحريض والترغيب إلى مودّة عنوان ذوي القربى للرسول ، ويمكن أن يكون هؤلاء حملوا هذه القضيّة على الحكم الذاتي الاقتضائي ، يعني لو لا طروّ المانع والجهة المقبحة على ذوي القربى ، فهذا العنوان فيه مقتضى الحبّ والمودّة ، ولا ينافي هذا وجود جهة فيهم صار البغض لهم مطلوبا بالعرض ، كصدور الزلَّة منهم « العياذ باللَّه » كما هم يعتقدون ، وكما هو الحال في المؤمن ، فإنّه ما لم يصدر منه الزلَّة يحسن محبّته وباعتبار صدور الزلَّة يمكن أن يصير بغضه مطلوبا .