ولا إشكال أنّ كلا من المسفوح وغير المسفوح وجوديّ مسبوق بالعدم ، فإنّ دم الباطن في المذكَّى إنّما يكون غير مسفوح بعد خروج المسفوح منه ، فإنّ المقصود على ما عرفت هو المسفوح وغير المسفوح عند التذكية الشرعيّة ، فالمسفوح موضوع للحرمة وكذا النجاسة ، وغير المسفوح موضوع للحليّة والطهارة ، ولا فرق في كون هذا العنوان الوجوديّ المستحدث موضوعا للطهارة بين القول بطهارة دم الباطن ونجاسته ، فإنّه على الطهارة أيضا يكون موضوع الطهارة في حال الذبح وما بعده هو هذا العنوان ، وهذا نظير طهارة نفس الحيوان حيث إنّه حال الحياة طاهر ، ومع ذلك تكون طهارته عند الذبح معلَّقة على التذكية ، فيرتّب النجاسة باستصحاب عدم التذكية . وحينئذ فنقول : الدم المشكوك اختلاطه بالمسفوح لا يمكن الحكم عليه بالمسفوحيّة ولا بعدمها ، فإنّ كلاهما وجوديّان نظير الحيّ والميتة ، وكلاهما مسبوق بالعدم ، فاستصحاب عدم كونه مسفوحا يقتضي الطهارة ، واستصحاب عدم كونه غير مسفوح يقتضي النجاسة ، فيتعارضان فيرجع إلى أصالة الطهارة . وهذا بخلاف ما لو أحرز موضوع الطهارة أعني : كونه دما غير مسفوح ، إمّا بواسطة العلم بخروج الدم العائد على تقدير عوده ، أو العلم ببقائه مع الاستهلاك على هذا التقدير كما هو الصورة الثانية ، فإنّه يقال : إنّ هذا دم غير مسفوح بالوجدان ، ونشكّ في حدوث ما يمنع عن حصول طهارته وعدمه بعد إحراز كونه معدّا لحصولها ، فأصل عدم هذا المانع ونحكم بالطهارة بهذا الأصل دون القاعدة . كما أنّه لو كان مسبوقا بكونه دما غير مسفوح وإن احتمل بقاء الدم العائد