الحكم ، فإن لم يكن هنا استصحاب موضوعي آخر أو كان ولكن كان معارضا بالمثل فلا مانع من قاعدة الطهارة ، وأمّا إن كان موجودا بلا معارض فلا تصل النوبة إلى القاعدة . فنقول : إنّ هنا موضوعان وجوديان يستكشف موضوعيتهما من الآية الشريفة : « أَوْ دَماً مَسْفُوحاً » . أحدهما : الدم الخارج من الذبيحة عند الذبح على الوجه الشرعي . والأخر : المتخلَّف في بطنها بعد خروج المتعارف . ببيان : أنّ الدم المسفوح وإن كان كما عرفت مطلق الدم المصبوب ، وهو بظاهره شامل لمثل الدم الخارج من أعضاء الحيوان الحيّ عند القطع والجرح ، أو نحوهما كدم الرعاف ، فيكون مقابله وهو غير المسفوح أيضا شاملا للدم المستقرّ في جوف الحيّ ، ولكن قد ذكرنا أنّ الموجود في جوف الحيّ ليس موردا للتكليف ، وبقرينة هذا يكون المراد بالمسفوح هو ما يخرج عند الذبح الشرعي ، وأمّا الخارج عند الذبح على غير الوجه الشرعي فوصف المسفوح ليس محرّما له ودخيلا في حرمته ، وكذلك دم الحيوان الميّت بغير الذبح ، فإنّ علَّة الحرمة والنجاسة فيهما هو الموت دون المسفوحيّة ، والميتة جعلت في الآية مقابلة للدم المسفوح . وعلى هذا فينحصر مورد الدم المسفوح في المصبوب من المذبوح بالذبح الشرعي ، بل لا اختصاص له بالمذبوح لإمكان أن يقال - كما عرفت - بشموله لكلّ دم مصبوب عند التذكية من الحيوان الذي يقع عليه الذكاة بحدوث أمر في جسده من ذبح أو نحر أو غيرهما ، فيكون مقابله الدم المتخلَّف في المذكَّى بعد خروج المسفوح منه .