الإنسان ، كما ادّعينا مثل هذا الانصراف فيما تقدّم في المني ، فإذا كان المني منصرفا إلى منيّ الإنسان فالظاهر أنّ الدم والبول أيضا منصرفان إلى دمه وبوله . ومنها : موثّقة عمّار عن أبي عبد الله - عليه السّلام - في حديث « قال : كلّ شيء من الطير يتوضّأ ممّا يشرب منه ، إلَّا أن ترى في منقاره دما ، فإن رأيت في منقاره دما فلا تتوضّأ منه ولا تشرب » [1] والاستدلال بها أيضا مبنيّ على ثبوت الإطلاق للفظ الدم وهو ممنوع ، إذ الرواية كما ترى واردة في مقام تعليق الحكم بنجاسة الماء الذي شرب منه الطير على العلم بنجاسة منقاره ورؤية الدم فيه ، وعدم الحكم بالنجاسة بمجرّد احتمال أن كان في منقاره نجاسة ، فهو حينئذ حكم في موضوع الدم الذي نجس واقعا ، وأمّا أنّه مطلق الدم أو دم خاصّ فليس في مقام بيان ذلك ، نعم يصحّ التمسّك بها على نجاسة بعض الدماء . ومن هنا يظهر الخدشة في الروايات الواردة في بيان حكم الدم في الصلاة كما في رواية الحلبي ، « قال : سألت أبا عبد الله - عليه السّلام - عن دم البراغيث يكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة ؟ قال : لا وإن كثر » [2] فإنّها في مقام جواز الصلاة مع هذا الدم ، وعدم جوازها مع غيره مع قطع النظر عن بيان أنّ الدم النجس ما هو ، هذا هو الكلام في نجاسة دم ذي النفس . وأمّا طهارة دم غير ذي النفس : فمضافا إلى إمكان دعوى الإجماع ، يدلّ عليها قوله في الرواية المتقدّمة : « إنّ عليّا كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذكّ » والمراد به ما ليس قابلا للتذكية بالحديد ، وهو كلّ حيوان غير ذي نفس ، وأمّا قوله : « يعني
[1] - الوسائل : ج 2 ، ب 82 ، من أبواب النجاسات ، ص 1100 ، ح 2 . [2] - المصدر نفسه : ص 1031 ، ح 4 .