فنقول : مقتضى هذا المقام الذي وقع السؤال فيه عن استعمال الجلود في اللبس وجعلها لباسا ، هو انصراف مادة الجلود إلى الجلد الذي كان صالحا لللباسية فبعمومه يشمل كل جلد كان كذلك ، بخلاف ما ليس من الجلود كذلك كما ربّما يدّعى في جلد الفأرة فإنّه غير داخل في عموم جميع الجلود في هذا المقام . وأمّا خبر الثعلب فهو خاص به ولا يفيد الكلَّية . ونحن حيث أبطلنا أصالة عدم التذكية ، وقلنا بجريان الاستصحاب في فسحة من هذه الإشكالات والتكلَّم فيها وفي رفعها ، فالقاعدة في كل حيوان طاهر العين هو الطهارة بالتذكية ولكن لا بسببها بل بالأصل ، وكذا مقتضى القاعدة الحلَّية بالأصل لو شك فيها أيضا حتى يعلم في خصوص مورد الخروج منها بدليل خاص ، ومن جملة ما ادّعي فيه الخروج عن هذه القاعدة المسوخ برأسها ، فقيل فيها بعدم قبولها التذكية ونسب إلى المشهور بناء الأكثر على كونها نجسة عينية . أقول أوّلا : لم يرد في خبر ما يدل على كون المسوخ نجسة عينية ، وإنّما وقع بعض أفرادها في بعض الأخبار محكوما بما ظاهره النجاسة . وثانيا : إنّ تلك الأخبار معارضة بأخبار أخر تدل على الطهارة في تلك الأفراد . وأمّا الأخبار الدالَّة على النجاسة العينية في بعض أفراد المسوخ . فمنها المرسل : سألته عن الرجل يمسّ الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيّا أو ميّتا ؟ قال : « لا يضرّه ولكن يغسل يده » فإنّه لو كان قوله : « لا يضرّه » مذكورا في الجواب وحده حملناه على أنّه بمعنى لا ينجس اليد بذلك ، فإنّ المقام مقام السؤال عن الطهارة والنجاسة ظاهرا ، ولكن بقرينة قوله بعده : « ولكن يغسل يده » يحمل