أنّه كان هنا محل التنبيه على تقدير النجاسة على التقييد بعدم إيصال اليد ونحوها إليها مع الرطوبة ، فيكشف عدم هذا التقييد في كلام الإمام عن الطهارة ، مضافا إلى أنّ هذه الأخبار مع ضميمة الأخبار الدالَّة على عدم جواز الانتفاع بالميتة بشيء يدل على الطهارة بمقتضى الجمع ، فإنّ مفاد الثاني عدم الجواز في جلود الميتة بما هي ميتة ، ومفاد الأوّل الجواز في جلود الذئب والدّب والنمر والثعلب وغيرها بما هي هذه الحيوانات ، ومن الواضح أنّ الجمع بينها أنّ جلود جميع الحيوانات غير الكلب والخنزير لها قسمان : الميتة وغيرها ، فالميتة منها غير جائز الانتفاع ، وغير الميتة جائز الانتفاع . لا يقال : إنّ العموم الدالّ على عدم جواز الانتفاع بالميتة بشيء لم لا يجوز أن يكون قد خصّص بهذه الأدلَّة ، فخصوص الجلود كان خارجا من هذه الكلية وكان طاهرا به . قلت : قد تحقّق في محلَّه أنّه إذا دار الأمر بين التخصّص والتخصيص فالتخصّص أولى ، فهنا بعد وضوح حكم الطهارة يدور الأمر بين أن يكون الموضوع هو الميتة فيكون تخصيصا لتلك الأدلَّة ، وأن يكون هو المذكَّى فيكون تخصّصا وأصالة عدم التخصيص قاضية بالثاني . هذا مع ما عرفت من أنّ المعارضة ليست بين العام والخاص ، بل بين الخاصّين ، لقيام الأدلَّة على عدم جواز الانتفاع بخصوص جلود الميتة ، فالمتعيّن في الجميع ما ذكرنا . فقد تحقّق ممّا ذكرنا أنّه لو قلنا بعدم جريان أصالة عدم التذكية كما ذكرنا ، فمقتضى الأصل الأوّلي والقاعدة الثانوية كليهما طهارة غير الميتة من غير المأكول