كان في السابق دما رطبا ثمّ حدث له المسكيّة والجفاف ، فيحتمل على تقدير بقاء الرطوبة وصدق اسم الدم حال السقوط من الظبي أن تكون المسكيّة حدثت سابقة على الجفاف ، وأن يكون الجفاف حدث سابقا على المسكيّة ، فهما من قبيل الحادثين المجهول تاريخهما ، وأصلاهما متعارضان ، فإنّه على ما ذكرنا من عدم صدق الدم مع الجفاف يتعيّن على التقدير المذكور حدوث المسكيّة سابقا على الجفاف ، من دون احتمال العكس . وكيف كان فلو علم الجفاف حال السقوط فلا إشكال في الطهارة ، وكذلك لو احتمل الرطوبة في تلك الحال وعلم على تقديرها بعدم فصل بين صدق الدم وعروض الجفاف ، فحينئذ أيضا لا إشكال في الطهارة ، وإنّما الكلام والإشكال على ما هو الحاصل للغالب من الشك في المرحلة الأولى ، يعني يحتمل أن يكون حال السقوط مائعا ، والعلم بتحقّق الفصل بين صدق الدم وعروض الجفاف بزمان يصدق عليه المسك مع ميعانه . فقد يقال : إنّ الشكّ حينئذ راجع إلى تحقّق موضوع التنجّس وعدمه ، أعني : ملاقاته بعد السقوط في حال ميعانه ، وزوال اسم الدم عنه ، وطروّ عنوان المسك عليه للفأرة التي قلنا بكونها نجسة بعد الإبانة ، لكونها من أفراد ما يبان من الحيّ ، فالأصل يقتضي عدم تحقق هذه الملاقاة بهذه الكيفيّة الخاصّة . ولكن فيه أنّ الشكّ في تحقّق هذا الموضوع الخاص منشأه الشكّ في بقاء الرطوبة والميعان حال السقوط ، إذ قد عرفت أنّه على هذا التقدير يكون مسكيّته في بعض أوقات رطوبته مسلَّمة ، ودعوى القطع بعدم تحقّق المسكيّة إلَّا بعد تحقّق الجفاف قد عرفت ما فيه ، والملاقاة أيضا معلومة بالوجدان ، فإنّه واقع في جوف